للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحرارة، ولن تذكرنا هذه الأبيات بعاشق يهو معشوقًا يقف على نفسه ويطلب إليه أن يقف نفسه عليه وإنما تذكرنا بنديم قاهري في سهرة من سهرات الطرب يلتف مع صحبه بغانية أو مغنية، يتلطف في الزلفى إليها، والثناء عليها، ولا يشعر من وراء ذلك بلوعة ولا غيره من المنافسين قناعة منه بالراحة بين الأحزاب، والعدل بين الظماء"١.

وعلق الدكتور مندور في الكتيب الصغير الذي أصدره عن إسماعيل صبري على رأينا في هذه القصيدة بأن كلامنا هذا ليس تعسفًا فحسب ولكنه خطأ في الفهم.

"فالبيت الخاص بنزع الثوب لا يمكن فصله عن البيت السابق له وهو:

أنت روحانية لا تدعي ... أن هذا الحسن من طين وماء

ولا يمكن فصله عن البيت الذي يليه وهو:

وأرى الدنيا جناحي ملك ... خلف تمثال مصوغ من ضياء

فالأبيات الثلاثة تكون رؤية شعرية واحدة يزعم الشاعر أن الفتاة "روحانية" ليس حسنها من طين وماء وإنما هي تمثال مصنوع من ضياء وبه "جناحا ملك": وهو يريد منها أن تنزع الثوب لكي تثبت صحة رؤيته الشعرية، فلن يظهر عندئذ جسم بشري بل تمثال مصنوع من "ضياء" هو "تكوين سكان السماء" وبذلك لا تكون "فلتة" من إسماعيل صبري، ولا يكون هناك "سوق رقيق" ولا "عرض لجسم عار بين الندامى وإنما هناك رؤية شعرية روحية"٢.

ويعود فيقول: "الواقع أن لواء الحسن أو المرأة الجميلة التي يتحدث عنها إسماعيل صبري في هذه القصيدة ليست امرأة مبتذلة ولا نهبًا للأطماع، وإنما هي امرأة روحانية تقصر عن التطلع إليها شهوات النفوس، وليس في القصيدة نعمة حسية أو مستهترة أو مبتذلة، وهي أبعد ما تكون عن روح الندماء ومجالس الظرف أو الخلاعة"٣.


١ شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي ص٣٥.
٢ نفس المصدر: ص٩، كذلك ص١٥.
٣ نفس المصدر: ص١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>