للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدكتور مندور يرد على نفسه في كتاب آخر من كتبه وهو "الشعر المصري بعد شوقي"١ حين وازن بين علي الجارم وإسماعيل صبري، وقد قال في هذه الموازنة: "ولا يعقل أن يكون إحساسه بمعاني الحب مطابقًا الإحساس رجل كإسماعيل صبري القاهري المترف الذي كان يقنع من الحب بمجالس الطرب وصالونات المؤانسة دون أن يستشعر شيئًا من ذلك الحب العنيف الأثر الذي يثير الغيرة، فتراه لا يطلب من الحسناء التي يغازلها إلا أن تسوي بين عاشقيها حيث يقول:

"يا لواء الحسن............ الأبيات"

فالدكتور مندور يعترف معنا بأنها كانت في مجلس طرب وصالون مؤانسة، وأن إسماعيل صبري لم يكن لديه ذلك الحب العنيف الأثر الذي يثير الغيرة، وأنه كان يغازلها، ولم يطلب منها إلا أن تسوي بين عاشقيها".

فأي امرأة هذه ذات العشاق الكثيرين الذين يغازلونها في صالونات المؤانسة ومجالس الطرب؟!

لقد نسي الدكتور مندور أول القصيدة وأخذ أبياتها الثلاثة الأخيرة نسي أنه طلب منها أن تعدل في توزيع الحب.

لا تذودي بعضنا عن ورده ... دون بعض واعدلي بين الظماء

ونسي أنها تخطر في النادي بين الندامى، وأنه يطلب منها أن تتكلم لتنثر الدر، وأن تبتسم ليملأ ثغرها الدنيا ابتسامًا فهو هنا يؤكد بشريتها، ولو كانت روحانية حقًّا ما قال لها: "لا تخافي شططًا من أنفس.... البيت" إذ إن الملائكة لا تخاف شطط النفس البشرية، بينما صبري يؤكد في هذا البيت بشريتها بأن نفوسهم عفيفة تستطيع أن تكبح جماحها على الرغم من الفتنة التي تخطر أمامهم وهم "ندامى" وهذه الكلمة توحي بكثير، كما أن كلمة "صبوة" وهي جهالة الشباب تنبئ عن الشهوة التي تعمل في نفوسهم وإن منع الحياء ظهورها وأكد هذا في البيت الذي يليه:


١ ص٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>