للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حياته اليومية العادية، فيرتفع بها إلى أشد الشعر روعة، وأعظمه حظًّا من سذاجة، وهل تجد شيئًا من الغرابة في أن يغني الشعر بعض المغنين١".

حقًّا إن صبري في هذه القطعة عذب الروح، رقيق اللهجة، حلو الموسيقى، يمثل الروح المصري الشعبي، ولكنه ليس بصادق العاطفة، ولعل الدكتور طه حَمِدَ من صبري هذه الصفات؛ لأنه جرى في شعره هذا على نسق المدرسة الفرنسية في الوضوح، وحسن الديباجة في الشعر، والرقة المتناهية، وإذا نظرنا إلى هذا الشعر نظرة أخرى وجدنا صبري مقلدًا في معانيه وأخيلته، وإن حسنت ديباجته وصياغته. فقد قال البهاء زهير في نافعة وشافعة:

فما تنفع في الدنيا ... ولا تشفع في الأخرى

وقد جمع المتنبي في شطر ما أراد صبري أن يقوله في بيت بأكمله وذلك حيث يقول:

فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ ... وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ

أما البيت الثاني فقد نقده نقدًا بديعًا الشاعر أحمد محرم حيث قال: الصورة في هذا البيت معكوسة، والمعنى غير مستقيم، فقد أراد الشاعر أن يقول لقلبه: إن القلب الذي كان يشاطرك حمل الصبابة قد سلا، فأجرى فعل المشاطرة على قلبه هو، وأنت ترى أن وقوع الفعل من قبله هو يعفيه من عناء هذا السلو، ويريحه من ذلك العبء الذي كان يحمله وإذا فلا معنى لأن يخفق وحده٢.

وموضع النقد هو أن صبري قال لقلبه: لقد شاطرت قلب الحبيب حمل الصبابة فما معنى أن يخفق وحده إذا سلا قلب الحبيب؟ إذ سلا قلب الحبيب فقد أعفى قلب صبري من المشاطرة ومن حمل الصبابة ولكنه كان يريد غير ذلك فأخطأ في التعبير. على أن معنى البيت على وجهه الصحيح مما سبق إليه الشعراء وفي ذلك يقول الطغرائ:


١ مقدمة الديوان ص١٢.
٢ مجلة أبوللو أكتوبر سنة ١٩٣٤ ص١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>