وتبيت تكفر بالنحور قلائد ... فإذا دنت من نحرها تستغفر
وتزيد في فمها الآلي قيمة ... حتى يسود كبيرهن الأصغر
وثغرها مورد عدب غني به كل مورد آخر:
يا موردا كنت أغنى ما أكون به ... عن كل صاف إذا ما بات يرويني
عندي لمائك -والأقداح طوع يدي ... ملأى عن الماء- شوق كاد يرديني
ويفتن بشعرها الأسود المعقوص:
أرسلي الشعر خلف ظهرك ليلًا ... وأعقديه من فوق رأسك تاجًا
أنت في الحالتين بدر تراه ... صادعًا آية الدجى وهاجا
وقد يقال إن لصبري قطعًا أخرى غير هذه، فيما حرقة الجوى، ولهيب الشوق، وجمر الحب، وفيها التوجع والشكوى وفيها العاطفة مثل قوله:
يا آسي الحي هل فتشت في كبدي ... وهل تبينت داء في زواياها
أواه من حرق أودت بأكثرها ... ولم تزل تتمشى في بقاياها
يا شوق رفقًا بأضلاع عصفت بها ... فالقلب يخفق ذعرًا في حناياها
أجل؟ إن هنا حرقة، وداء يرعى في كبده، وشوقًا قد عصف بأضلاعه، وقلبًا يخفق ذعرًا، ولكن هنا أيضًا زوايا، وبقايا وحنايا، وآثارًا قديمة من مخلفات الماضي، ومن أثر محفوظة من الشعر العربي القديم، وقال البهاء زهير في "الزوايا" وما فيها:
ويميل بي نحو الصبا ... قلب رقيق الحاشية
فيه من الطرب القد ... يم بقية في الزاوية
وله في المعنى الذي ذكره صبري في البيت الثاني:
لك الحياة فإني ... أموت لا شك عشقًا