العقاد حين قال في شعر صبري:"إن شعره لطيف لا تعمل فيه، ولكنه كذلك لا قوة فيه ولا حرارة. وإن شئت فقل: إن أدب الرجل كان أدب الذوق، ولم يكن أدب النزعات والخوالج، وأدب السكون، ولم يكن أدب الحركة والنهوض، وأدب الاصطلاح الحسن، ولم يكن أدب الابتكار الجسور" وضرب مثلًا على أن صبري ناعم يمثل الترف في حزنه، وحماسته، وعاطفته، وأنه تنقصه الحرارة والانفعال والعاطفة بقول:"إذا قال شاعر إن عزيمة البطل الممدوح تصدم الصخر الأشم فتهده وتمهده، قال صبري: إن عزيمة بطله "تلامس" الصخر فتنبت فيه الأزهار:
وعزيمة ميمونة لو لامست ... صخرًا لعاد الصخر روضًا أزهرًا
ولعلك ترى مما ذكرت لك من أغراض صبري الشعرية، ومن غرض بعض ما قاله، ودراسته أن صبري شاعر مقلد، ولم يوهب تلك الشاعرية المبدعة المبتكرة، وأنه كان قصير النفس، لا يستطيع نظم القصائد الطويلة، وأنه لم يكن شاعرًا محترفًا، وإنما كان يقول الشعر لخطرات ترد على ذهنه.
هذا وقد كان صبري في مطلع حياته الشعرية مغرمًا بفنون البديع يتصنع التورية والجناس كقوله:
وألبس على طول المدى حلل "الرضا ... بشعار مأمون ورشد رشيد
وقوله:
فيا "مالكي نعمان خدك شافعي ... لدى حنبلي العذل إذ قام بالعذر
وقوله:
عن رفده حدث فكم في رفده ... إنعام بحر وافر ومديد
وقوله:
يا عاذلي أقصر وكن عاذري ... ولا تطل لومي على سهدي
وقوله:
قد قلبي وانثنى معجبًا ... قال لي كيف ترى قدي
إلى غير ذلك من الحلى اللفظية والمعنوية، وظل مغرمًا بهذا النوع حتى