أما يوم أحد فقد وفق فيه بعض التوفيق، إذ صور هزيمة المسلمين وعلل لها: وكيف أرجف المشركون بقتل رسول الله، وكيف ارتاع علي لهذه الفرية وراح يبحث بنفسه بين القتلى عن رسول الله.
أتى الشهداء مفتقدًا أخاه ... لعل الموت عاجله اختراما
أخي! بأبي! يخيم؟ ويفر؟ حاشا ... أخي في الخطب جبنًا أو خيامًا١
أم اجترأت عليه يد العوادي ... فغالته اجتراء واجتراما
ثم انتقل إلى يوم الخندق ومبارزة علي لعمرو بن ود، وموقفه يوم خيبر وقتله مرحب بن منسية، ثم انتقل إلى مواقف علي في السلم، وصور خلقه في إيجاز وقيامه الليل وتقواه، وقد تأثر في هذا الوصف بكلمة ضرار الصدائي عن علي بن أبي طالب المذكورة في كتب الأدب ثم تكلم عن مقتل عثمان ونفى عن علي اشتراكه في القتل أو علمه به قبل أن يحدث له:
وحاشى أن يريد أبو حسين ... بذي النورين سوءًا أو ظلامًا
علي كان أول من وقاه ... ومن ذا الردى عنه وحامى
ومضى في سيرة علي إلى نهايتها على طريقته في التصوير الموجز، والتزام الحقائق التاريخية إلى حد سردها، من غير إبداع في التصوير أو اهتمام بالتحليل، أو جنوح إلى الخيال، كل ذلك في أسلوب جزل، وفصاحة بدوية، ومهما يكن المقياس الذي وضعناه لهذه القصيدة فهي تعد من القصائد الممتازة في الشعر من حيث موضوعها، وقوتها ومتانة نسجها، وطولها، وهي تدل على قدرة فائقة في اللغة، ونفس مديد في قرض الشعر، وتمكن من القافية وإلمام بالغريب.