تاريخية، وأمثال أدبية، وتبكيت ينادي بقبح الجهالة، وذم الخرافات، ولنتعاون بهذه الخدمة على محو ما صرنا به مثلةً في الوجود, من ركوب متن الغواية، واتباع الهوى اللذين أضلانا سواء السبيل".
وترى من هذه النماذح كيف كان القوم يجاهدون في سبيل العلم وتفتيح الأذهان المغلقة، وتحبيب الناس في الثقافة، والإشارة بفضل المتعلمين في زمنٍ كانت فيه الأمة لا تزال تحبو في طريق النور، وكيف وضعوا أسس تحرر اللغة من أسر السجع والتكلف، ورسموا قواعد الإنشاء الصحيح لمن يريد أن يتخذ الكتابة حرفةً، وكيف سخَّرُوا القلم القويَّ الجرئَ في خدمة الوطن، وجعلوا الصحف ميدانًا للأفكار الطيبة, والأدب الرفيع, والدعوات الإصلاحية الحرة, وبذلك كانت الصحافةُ منارةً من منارات النهضة العربية الأدبية, ارتفعت هذه المنارة في عهد إسماعيل، وظلَّت ترسل النور قويًّا يبدد سدفة الجهل ويهدي الضالين إلى اليوم.
٤- الطباعة:
نهضت الطباعة نهضةً عظيمةً في عهد إسماعيل؛ إذ وجهت الحكومة عنايتها إلى مطبعة بولاق، وما زالت بها حتى صارت أرقى مطبعةٍ في الشرق، وأسست مصنعًا للورق يمد مصالحها المختلفة بالورق في سنة ١٨٧١، ويزود المشتغلين بالعلم والطباعة والتجار بكل ما يحتاجون إليه, ولقد سهل هذا الأمر على المشتلغين بالعلوم، وشجعهم على النتاج المتصل، وكاد نتاج الورق بمصر يعطل ما يرد من أوربا حينذاك.
وأنشئت بجوار مطبعة بولاق عدة مطابع أهلية؛ أهمها: مطبعة جميعة المعارف التي تكلمنا عنها آنفًا، ثم المطبعة الأهلية القبطية التي جلبها من أوربا الأنبا كرلس الرابع سنة ١٨٦٠ في عهد سعيد باشا، ومطبعة "وادي النيل" لمحمد أبي السعود أفندي، ومطبعة "مجلة روضة المدارس" والمطبعة الوطنية بالإسكندرية ... وغير ذلك من المطابع التي كان لها الفضل الأكبر في نشر الكتب الحديثة، وتيسير الاطلاع، والنهوض باللغة والأدب وشئون التعليم.