كما لم يطل بنيامين المكوث في الأرض الأيبيرية التي فيها درج وشبّ، نجده لم يطل أيضا في الأرض الفرنسية التي كانت تشهد حقبة الملكية الإقطاعية إذ استطاع ملوك كابيه في فرنسا في الفترة من ١١٠٠ إلى ١٢٢٣ أن يجعلوا من أنفسهم ملوكا إقطاعيين، وكان ملوك أسرة كابيه يعتبرون أنفسهم- وهم بالفعل كذلك- خلفاء لشارلمان (الأسرة الكارولنجية التي خلفت الأسرة الميروفنجية) على مملكة الفرنجة الغربيين (الفرنجة الشرقيون كونوا فيما بعد الإمبراطورية الرومانية المقدسة) لكنّهم في البداية كانوا ملوكا ضعافا، ولم يكن الكونتات (المفرد: كونت) موظفين عندهم بل كانوا سادة أقوياء وخرج من أيدى الملوك ما كان للكارولنجيين من أراض خاصّة، ولم يبق للملك سوى الهيبة التي بسطتها عليه الكنيسة الكاثوليكية في روما، وساعدت الكنيسة أسرة كابيه في تسلسل وراثة العرش بأن جعلت من حق الملك أن يتوّج أكبر أبنائه ملكا في أثناء حياته. وعلى أية حال لم يكن ملوك أسرة كابيه من القوة بحيث يثيرون مخاوف السّادة الإقطاعيّين. لكن منذ فيليب الأول (١٠٦٠- ١١٠٨) أدرك الملوك الفرنسيون أنّه ليس بمباركة الكنيسة ووراثة العرش وحدهما يكونون ملوكا أقوياء وإنما بالرجال والمال (الضّياع) ومن هنا بدأ نمو الملكية الإقطاعية.
تلك هى الظروف التاريخية التي كانت عليها فرنسا عندما زار بنيامين أربونة وبيزيه Bezier ومونبلييه Monrpellier ولونل Lunel وبوسكيار Posquieres ونوغرس sr.Giles وآرل Arles ومرسيليا