كانت التوراة قد أشارت في الآية التي تقدم ذكرها إلى نبوة تنزل على جبل فاران لزم أن تلك النبوة على آل إسماعيل، لأنهم سكان فاران.
وقد علم الناس قاطبة أن المشار إليه بالنبوة من ولد إسماعيل هو محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه بعث من مكة التي كان فيها مقام إبراهيم وإسماعيل. فدل ذلك على أن جبال فاران هى جبال مكة، وأن التوراة أشارت في هذه المواضع إلى نبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وبشرت به، إلا أن اليهود- لجهلهم وضلالهم- لا يجوزون الجمع بين هاتين العبارتين من الآيتين، بل يسلمون بالمقدمتين ويجحدون النتيجة، لفرط جهلهم.
وقد شهدت عليهم التوراة بالإفلاس من الفطنة والرأي وذلك قوله تعالى:(كى غوى أو باذ عيصون هما وابن باهيم تسونا) تفسيره: إنهم لشعب عادم الرأي، وليس فيهم فطانة.
[في إبطال ما يدعون من محبة الله تعالى إياهم:]
هم يزعمون أن الله سبحانه وتعالى يحبهم دون جميع الناس، ويحب طائفتهم وسلالتهم، وأن الأنبياء والصالحين لا يختارهم الله تعالى إلا منه، ونحن نناظرهم على ذلك.
فنقول لهم: ما قولكم في أيوب النبي عليه السلام؟ أتقرون بنبوته؟
فيقولون: نعم.
فنقول لهم: ما تقولون في جمهور بني إسرائيل، أعنى التسعة أسباط والنصف الذين أغواهم برعام بن نباط الذي خرج على ولد سليمان بن داود، ووضع لهم الكبشين من الذهب وعكف على