أما الحروب الصليبية التي ساءت خلالها العلاقات بين نصارى أوروبة والمسلمين واستمرت نيفا وثلثمائة سنة في فترات متقطعة، فكانت بواعشها سياسية أكثر منها دينية كما سنبينه في سياق مقدمتنا هذه «١» .
٥- بنيامين التطيلى. من هو وما الغاية من رحلته؟
على كثرة ما عالج المؤرخون رحلة بنيامين بحثا وتمحيصا، ودققوا النظر في محتوياتها، وراجعوا حوادثها وقايسوا بين نصوصها المخطوطة والمطبوعة، لم يتوصلوا إلى ما يلقي الضوء على سيرة هذا الرحالة الكبير ومولده ونشأته ومركزه العلمي والاجتماعي. وكل ما يعرف عنه مأخوذ عن المقدمة الوجيزة التي صدر بها الرحلة كاتب مجهول الهوية، ربما كان معاصرا لبنيامين، لأنها وردت في أقدم النسخ المعروفة للرحلة. وقد جاء في هذه المقدمة أنه «الرابي بنيامين بن الرابي يونة التطيلي النباري» وأنه «جاب المدن البعيدة وسجل ما شاهده عيانا في الأمصار التي مر بها أو ما نقله عن الثقات ذوي الأمانة المعروفين لدى يهود أسبانية» وبالأخير «إنه دوّن هذا الكتاب عند أوبته إلى قشطالة سنة ٤٩٣٣ للخليقة»(٥٦٩ هـ- ١١٧٣ م) وفي رواية أنه توفي في السنة نفسها «٢» . ويستمر صاحب المقدمة في تعريفنا بهذا الرحالة