فكانت سنة ٦٣٦ م. وفيها جرت معركة اليرموك الفاصلة واندحرت جيوش بيزنطة أمام جحافل المسلمين وسلمت القدس إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رض) ؛ فأمّن النصارى على معتقدهم وأجاز لهم الحج؛ فلم يتغير أمر بالنسبة الحجاج النصارى سوى أنهم صاروا يفدون على القدس عن طريق مصر بدلا من بلاد الروم، نظرا لبقاء العلاقات السياسية متوترة بين المسلمين والروم. وهذه مذكرات مشاهير الحجاج النصارى خلال المدة التي تصرمت بين الفتح الإسلامي والحروب الصليبية لا تدل على أي أثر لاعتداء المسلمين عليهم إلا فيما ندر من بعض الحوادث الفردية التي قلما يخلو منها زمان أو مكان. أما سياسة الدولة بوجه عام فكانت منتهى التسامح الديني لأصحاب الكتب السماوية.
فمن مشاهير الحجاج الذين وفدوا على فلسطين في هذه الحقبة:
أركولف مطران بلاد الغال (٧٠٠ م) وولبولد الإنكليزي (٧٢٦- ٧٢٧ م) وبرنارد الحكيم (القرن التاسع) وكونرد أسقف كونستانس (٩٣٤- ٩٧٦ م.) . وكانت أكبر قافلة من الحجاج وصلت إلينا أخبارهم قبيل الحروب الصليبية، هي تلك التي كان يرأسها أربعة أساقفة كبار، هم سغفريد أسقف ماينز وغونتر أسقف بمبرغ ووليم أسقف أترخت وأوتو أسقف رغتزبرغ ومعهم نحو سبعة آلاف حاج وكان ذلك سنة (١٠٦٤- ١٠٦٥ م) . ولكن أكثر هذه القافلة قد هلك في البحر وفي المعارك التي كان السلاجقة يخوضونها في فلسطين.