للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[إفحام اليهود والنصارى بالحجج العقلية وإلزامهم الإسلام:]

لا يسع عاقلا أن يكذب نبيا ذا دعوة شائعة، وكلمة قائمة، ويصدق غيره. لأنه لم ير أحدهما، ولا شاهد معجزاته. فإذا خص أحدهما بالتصديق، والآخر بالتكذيب، فقد تعين عليه الملام والإزراء عقلا. ولنضرب لذلك مثلا:

إذا سألنا يهوديا عن موسى عليه السلام، وهل رآه وعاين معجزاته فهو بالضرورة يقر بأنه لم يشاهد شيئا من ذلك عيانا.

فنقول له: بماذا عرفت نبوة موسى وصدقه؟ فإن قال: إن التواتر قد حقق ذلك، وشهادات الأمم بصحته دليل ثابت في العقل كما قد ثبت عقلا وجود بلاد وأنهار لم نشاهدها وإنما تحققنا وجودها بتواتر الأنباء والأخبار.

قلنا: إن هذا التواتر موجود لمحمد صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام، كما هو موجود لموسى عليه السلام، فيلزمك التصديق بهما.

وإن قال اليهودي: إن شهادة أبي عندي بنبوة موسى هى شبه تصديق بنبوته.

قلنا له: ولم كان أبوك عندك صادقا في ذلك، معصوما عن الكذب؟ وأنت ترى الكفار أيضا يعلمهم آباؤهم ما هو كفر عندك إما تعصبا من أحدهم لدينه، وكراهية لمباينة طائفته، ومفارقة قومه وعشيرته، وإما لأن أباه وأشياخه نقلوه إليه فتلقنه منهم، معتقدا فيه الهداية والنجاة. فإذا كنت يا هذا قد ترى جميع المذاهب التي تكفر بها قد أخذها أبناؤها عن آبائهم كأخذ مذهبك عن أبيك وكنت عالما

<<  <   >  >>