ليست الفتنة التي أثارها في العمادية داود بن الروحي المسيح الدجال، فريدة ببابها في تاريخ اليهود. فقد ظهر عندهم في مختلف العصور، غير واحد ممن ادعى النبوة وزعم أنه المسيح المنتظر. وكان ظهور أمثال هؤلاء الدجالين، في أغلب الأحيان، يعقب إحدى موجات الاضطهاد التي كانت تطغى على اليهود بين وقت وآخر. فكان السذج منهم ينجرفون وراء مثل هذه الدعوات بدافع الضيق الشديد، وكثيرا ما كان ظهور أولئك الأدعياء سببا في إراقة الدماء وأخذ البريء بجريرة المذنب، فضلا عن رد الفعل السيئ الذي كانت تخلّفه في النفوس مثل هذه الأوهام عندما يظهر زيفها وينكشف بطلانها.
ومن أشهر أولئك المسيحين* الأدعياء الذين نشأوا بين اليهود في الشرق الإسلامي خلال القرون الوسطى، دجال يدعى سيرينيوس ظهر في الشام «١» . في آخر خلافة عمر بن عبد العزيز وأول خلافة يزيد الثاني (٧٢٠- ٧٢٤ م) وآخر يدعى عبيد الله أبا عيسى إسحاق بن يعقوب الأصبهاني الذي ابتدأ دعوته في زمن آخر ملوك بني أمية مروان بن محمد (٧٤٤- ٧٥٠ م)«٢» ومنهم أيضا داود بن الروحي موضوع بحثنا.