نصوصها، الأمر الذي يدل على أهميتها التأريخية والجغرافية عندهم.
٩- حالة الشرق الإسلامي في عصر بنيامين
أما وقد بلغنا هذه المرحلة من تقديم رحلة بنيامين وعرضها على القارئ، نرى إتماما للفائدة، أن نلم إلمامة وجيزة بالأحوال العامة التي كانت تسود الشرق الإسلامي في القرن السادس للهجرة (الثاني عشر للميلاد) والتطورات الخطيرة التي طرأت على علاقات الشرق بالغرب، تلك التطورات التي خلفت من بعدها الأثر البليغ فقلبت أوضاع البلاد الإسلامية من حال إلى حال وغيرت معالم تأريخ أوروبة. فنقول:
اجتازت الخلافة العباسية ببغداد أخطر عهودها في أيام الدولة البويهية التي كان امتداد حكمها مائة وثلاث عشرة سنة (٣٣٤- ٤٤٧ هـ)(٩٤٥- ١٠٥٥ م) إذ سادت في العراق أحوال مضطربة من تغلب السلاطين على الخلافة، فلم يبق لها سوى السلطة الاسمية المجردة من كل حول وطول. وكان طبيعيا أن تؤدي تلك الحالة الشاذة إلى انحلال قواعد الملك واختلال نظام الحكم، وأن تصبح البلاد من أقصاها إلى أقصاها مستعدة لقبول أي فاتح، أملا بخلاصها من ذلك الوضع المتقلقل. وكان السلاجقة يومذاك قد مدوا رقعة حكمهم حتى تخوم العراق الشرقية. وكان رئيسهم ركن الدين طغرل بك بن سلجوق يتوق إلى بسط نفوذه على مراكز الخلافة العباسية، فساعده تردي الأحوال في العراق على بلوغ أمنيته. فلم تغرب شمس الاثنين ٢٥ محرم سنة ٤٤٨ هـ (١٠٥٨ م) إلا وكانت راياته تخفق فوق بغداد،