خرج بنيامين من مسقط رأسه، من تطيلة، فانحدر منها بطريق نهر إبره إلى برشلونة على شواطئ أسبانية الشمالية الشرقية، فعرج منها باتجاه سواحل فرنسة الجنوبية، ومر بجميع المدن الساحلية في لنغدوكية Languedoc وبروفنسية Provence والريف الفرنسي Riviera وكانت هذه البلدان تتمتع يومئذ بهدوء نسبي بالنظر لاضطراب الحال في فرنسة الشمالية وأوروبة المركزية من جراء الحروب الصليبية التي كانت الاستعدادات لحملتها الثالثة قائمة آنئذ على قدم وساق. ومن ثم اتجه شرقا نحو الجمهوريتين البحريتين في إيطالية- جنوة وبيزة- فتابع سيره بطريق الشواطئ الغربية من شبه الجزيرة حتى بلغ رومية، المدينة الخالدة وكرسي البابوية، وهي يومئذ في عز أيامها وعنفوان سؤددها وقمة سلطانها. فقضى في عروس التبر مدة غير يسيرة، اطلع فيها على آثارها القديمة وقصورها وكنائسها، وأتى على ذكر ما سمعه من أساطيرها وأحاديث ملوكها وقياصرتها.
ثم واصل رحلته نحو الجنوب فمر بسلرن وأمالفي وطراني، واخترق أراضي قلوريه Callabria ميمما شطر شاطئ الأدرياتي فبلغ باره Bari وبرندزي، ومنها عبر مضيق أترنتو إلى جزيرة قرفو فنزل بر اليونان عن طريق قورنث، وكانت يومئذ في حكم الروم البيزنطيين.
ومن هناك صعد شمالا نحو خلقدونية chalcidice فمر بسلانيك وأطاف في أنحاء تراقيا حتى بلغ قسطنطينية- عاصمة الإمبراطورية الشرقية، فأدهشه ما شاهده من عظمتها السامقة وأعجب بما رآه من