[غاؤونية بغداد ورئاسة الجالوت في القرن الثاني عشر للميلاد]
منذ أن استقر اليهود في العراق بعد سبي بابل، كانوا يوكلون بأمرهم عميدا يرجعون إليه في أمورهم وينيطون به تنظيم شؤون جماعاتهم الغفيرة التي كانت منتشرة في مدن الفرات ودساكره وقراه.
وكان اليهود يطلقون على هذا العميد لقب «ريش جالوتا» وهي لفظة بالآرامية تعني رأس الجالية، وعنها أخذ العرب لفظة رأس الجالوت. وتقول التقاليد اليهودية إن أول من تقلّد منصب رئاسة الجالوت على يهود العراق هو يكنية ملك يهوذا الذي أسره نبوكد نصر ملك بابل في حدود سنة ٥٧٧ ق. م. ثم أطلق سراحه الملك أويل مروداخ في السنة السابعة والثلاثين من إسارته ونصبه رئيسيا على أبناء ملته المقيمين في شرقي الفرات كافة «١» .
وعند ما استولى الفرس على العراق، منحوا الجالية اليهودية فيه نوعا من الحكم الذاتي، فصار رأس الجالوت يتمتع بالسلطة الواسعة على أبناء ملته. فقد أصبح من واجبه الإشراف على أمور طائفته وسير إدارتها والأخذ بما يؤول إلى إصلاحها وصلاحها، وتعيين قضاتها ومراقبة استتباب العدل والانتظام في محاكمها، وتعيين مقدار الرسوم والضرائب الواجبة على الأفراد وجبايتها باسم الحكومة، وضمان تنفيذ القوانين التي تصدرها الدولة، وتحسين العلاقات بين الجالية اليهودية