فإن قالوا: لا نقبل شهادة أحد. لم يبق لهم تواتر إلا من طائفتهم، وهي أقل الطوائف عددا. فيصير تواترهم وشرعهم لذلك أضعف الشرائع. ويلزمهم مما تقدم أن كل من أظهر معجزات شهد بها التواتر مصدق في مقالته ويلزمهم من ذلك: التصديق بنبوة المسيح والمصطفى عليهما الصلاة والسلام.
[فصل فيما يحكونه من عيسى عليه السلام:]
هم يزعمون أنه كان من العلماء، وأنه كان يطبب المرضى بالأدوية، ويوهمهم أن الانتفاع المنال حصل لهم بدعائه. وأنه أبرأ جماعة من المرضى من أسقامهم في يوم السبت فأنكرت عليه اليهود ذلك، فقال لهم: أخبروني عن الشاة من الغنم: إن وقعت في البئر يوم السبت، أما تنزلون إليها وتحلون السبت لتخليصها؟ قالوا: بلى. قال: فلماذا أحللتم السبت لتخليص الغنم، ولا تحلونه لتخليص الإنسان الذي هو أكبر حرمة من الغنم؟ فأفحمهم ولم يؤمنوا.
وأيضا، فإنهم يحكون عنه: أنه كان مع جماعة من تلاميذه في جبل، ولم يحضرهم الطعام. فأذن لهم في تناول الحشيش في يوم السبت. فقال لهم أرأيتم لو أن أحدكم كان وحيدا مع قوم على غير ملته، وأمروه بقطع النبات في يوم السبت وإلقائه لدوابهم ألستم تجيزون له قطع النبات؟ قالوا: بلى. قال فإن هؤلاء القوم أمرتهم بقطع النبات ليأكلوه لينقذوا به أنفسهم، لا للطعن في أمر السبت كل ذلك