ويقول:«إنه كان من الثقات العارفين بالتوراة والشرع، وأن التدقيق والتمحيص قد أيدا ما رواه في رحلته» . أما المؤرخون من القرن الثالث عشر وما والاه فيكتفون بتسميته «بنيامين صاحب الرحلة.
فهل كان بنيامين من علماء اليهود الذين ازدهر بهم القرن الثاني عشر في أسبانية الإسلامية والنصرانية؟ ... إننا نشك في ذلك. لأن كتب الانساب اليهودية الخاصة بذلك الجيل، التي سجلت بإسهاب تراجم جميع العلماء المعروفين وفصلت ذكر مؤلفاتهم وآثارهم العلمية والأدبية، لا تذكر اسم بنيامين إلا مقرونا بهذه الرحلة. وأغلب الظن أن هذا الرجل كان وجيها من وجهاء اليهود في قشطالة، بل تاجرا تعنيه الشؤون الاقتصادية، بدلالة هذا الاهتمام الفريد الذي يبديه في الأحوال التجارية للبلدان التي زارها*، أكثر من اهتمامه بالعلماء الكبار الذين عرفهم في أثناء تجواله. إذ نراه يذكر أسماءهم مجردة عن ذكر مؤلفاتهم وآثارهم العلمية والأدبية. كما أننا نشك في رأي أبداه بعض المؤرخين، وهو أن بنيامين قام برحلته هذه موفدا من الهيئات اليهودية في أسبانية للأطلاع على أحوال يهود الشرق في ذلك العصر الذي كان يهود أوروبة يجتازون أخطر عهود الضيق والاضطهاد التي عرفوها خلال تأريخهم الطويل.
صحيح، إن هذا الرحالة يعطينا معلومات عامة عن أحوال اليهود في كل مدينة زارها، ويذكر عددهم وأوضاعهم وطرق كسبهم ومركزهم