العلمي والاجتماعي وعلاقتهم بالبيئة التي يعيشون فيها. لكن، أكان ينتظر من يهودي في القرن الثاني عشر غير هذا؟ وهل عني الرحالون المسلمون بغير أحوال المسلمين إلا في ما ندر؟ وهل سجل الحجاج من النصارى غير أحوال إخوانهم بالدين وبيعهم ومزاراتهم المقدسة؟ ....
وهذا أسلوب الرحلة، هل يدل على أنها تقرير مرفوع إلي هيئة أو جماعة خاصة؟ ... إن بين تضاعيفها أمورا لا يهم يهود أوروبة الاطلاع عليها كثيرا أو قليلا. بل إننا إذا قايسنا بين هذه الرحلة ومثيلاتها من ذلك العصر، وجدنا فيها عن غير اليهود، معلومات أكثر وأعم مما دوّنه الرحالون المسلمون عن غير المسلمين، والحجاج المسيحيون عن غير النصارى.
وصفوة القول عن بنيامين: إنه كان تاجرا بالمعنى المفهوم من تعبير Commercial Traveller *وإنه يجمع إلى إلمامه بالاقتصاد وفنون التجارة إلماما كافيا بالتوراة والتلمود، كما هو شأن الكثيرين من أمثاله في ذلك العصر الذي كانت العلوم الدينية وحدها تميز المتعلّم عن الأمي، وإنه خرج في رحلته هذه بدافع الاطلاع الشخصي، ووجهته بالدرجة الأولى الشرق الإسلامي؛ هذا الشرق الذي استهوت خيراته وعمرانه وتجارته عددا غير يسير من الأوروبيين خلال العصور المتوسطة والأخيرة. وقد كان هذا الرحالة، وهو بعد في أسبانية، على علم بما في بلاد الشرق الإسلامي من تقدم وحضارة. وإن شهرتها قد ملأت سمعه قبلما يملأ عينه بمشاهدتها وزيارتها. فقد شاهد عند مروره في