المعجم وضم التاء المعلوة وإسكان الراء وآخره نون". وهي بلدة حسنة كثيرة المياه والبساتين ولها مسجد بديع يشقه النهر. ثم رحلنا منها إلى مدينة فيروزان، واسمها كأنه تثنية فيروز وهي مدينة صغيرة ذات أنهار وأشجار وبساتين وصلناها بعد صلاة العصر فرأينا أهلها قد خرجوا لتشييع جنازة وقد أوقدوا خلفها وأمامها المشاعل وأتبعوها بالمزأمير والمغنيين بأنواع الأغاني المطربة فعجبنا من شأنهم وبتنا بها ليلة ومررنا بالغد بقرية يقال لها نبلان وهي كبيرة على نهر عظيم وإلى جانبه مسجد على النهاية من الحسن تصعد إليه في درج وتحفه البساتين، وسرنا يومنا فيما بين البساتين والمياه والقرى الحسان وأبراج الحمام. ووصلنا بعد العصر إلى مدينة أصفهان من عراق العجم "واسمها يقال بالفاء الخالصة ويقال بالفاء المعقودة المفخمة"، ومدينة أصفهان من كبار المدن وحسانها إلا أنها الآن قد خرب أكثرها بسبب الفتنة التي بين أهل السنة والروافض، وهي متصلة بينهم حتى الآن فلا يزالون في قتال، وبها الفواكه الكثيرة ومنها المشمش الذي لا نظير له ويسمونه بقمر الدين وهم ييبسونه ويدخرونه ونواه ينكسر عن لوز حلو ومنها السفرجل الذي لا مثيل له في طيب المطعم وعظم الجرم، والعناب الطيبة والبطيخ العجيب الشأن الذي لا مثيل له في الدنيا إلا ما كان من بطيخ بخارى وخوارزم وقشره أخضر وداخله أحمر ويدخر كما تدخر الشريحة بالمغرب وله حلاوة شديدة ومن لم يكن ألف أكله فإنه في أول مرة يُسهله وكذلك اتفق لي لما أكلته بأصفهان، وأهل أصفهان حسان الصور وألوانهم بيض زاهرة مشوبة بالحمرة والغالب عليهم الشجاعة والنجدة وفيهم كرم وتنافس عظيم فيما بينهم في الأطعمة تؤثر عنهم فيه أخبار غريبة وربما دعا أحدهم صاحبه فيقول له اذهب معي لتأكل نان وماس والنان بلسانهم الخبز والماس اللبن فإذا ذهب معه أطعمه أنواع الطعام العجيب مباهياً له بذلك وأهل كل صناعة يقدمون على أنفسهم كبيراً منهم يسمونه الكلو وكذلك كبار المدينة من غير أهل الصناعات وتكون الجماعة من الشبان والأعزاب وتفاخر تلك الجماعات بعضها بعضاً مظهرين لما قدروا عليه من الإمكان محتفلين في الأطعمة وسواها الاحتفال العظيم ولقد ذكر لي أن طائفة منهم أضافت أخرى فطبخوا طعامهم بنار الشمع ثم أضافتها أخرى فطبخوا طعامهم بالحرير. وكان نزولي بأصفهان في زاوية تنسب للشيخ علي بن سهل تلميذ الجنيد وهي معظمة يقصدها أهل تلك الآفاق ويتبركون بزيارتها وفيها