طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَرَّم وشَرَّف وعَظَّم:
وفي عشي ذلك اليوم دخلنا الحرم الشريف وانتهينا إلى المسجد الكريم فوقفنا بباب السلام مسلمين وصلينا بالروضة الكريمة بين القبر والمنبر الكريم واستلمنا القطعة الباقية من الجذع الذي حن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ملصقة بعمود قائم بين القبر والمنبر عن يمين مستقبل القبلة وأدينا حق السلام على سيد الأولين والآخرين وشفيع العصاة والمذنبين الرسول النبي الهاشمي الأبطحي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما وشرّف وكرّم وحق السلام على ضجيعيه وصاحبيه أبي بكر الصديق وأبي حفص عمر الفاروق رضي الله عنهما وانصرفنا إلى رحالنا مسرورين بهذه النعمة العظمى مستبشرين بنبل المنة الكبرى حامدين الله تعالى على البلوغ إلى معاهد رسوله الشريفة ومشاهده العظيمة المنيفة داعين أن لا يجعل ذلك آخر عهدنا بها وأن يجعلنا ممن قبلت زيارته وكُتِبت في سبيل الله سفرته.
مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وروضته الشريفة:
المسجد المعظم مستطيل، تحفه من جهاته الأربع بلاطات دائرة به ووسطه صحن مفروش بالحصى والرمل ويدور بالمسجد الشريف شارع مبلط بالحجر المنحوت والروضة المقدسة صلوات الله وسلامه على ساكنها في الجهة القبلية مما يلي الشرق من المسجد الكريم وشكلها عجيب لا يتأتى تمثيله. وهي منورة بالرخام البديع النحت الرائق النعت قد علاها تضميخ المسك والطيب مع طول الأزمان. وفي الصفة القبلية منها مسمار فضة هو قبالة الوجه الكريم وهنالك يقف الناس مستقبلين الوجه الكريم مستديرين القبلة فيسلمون وينصرفون يمينا إلى وجه أبي بكر الصديق ورأس أبي بكر رضي الله عنه عند قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفون إلى عمر بن الخطاب ورأس عمر عند كتفي أبي بكر رضي الله عنهما وفي الجوفي من الروضة المقدسة زادها الله طيبا حوض صغير مرخم في قبلته شكل محراب يقال أنه كان بيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما ويقال أيضا هو قبرها والله أعلم. وفي وسط المسجد الكريم دفة مطبقة على وجه الأرض مقفلة على سرداب له مدرج يفضي إلى دار أبي بكر رضي الله عنه خارج المسجد وعلى ذلك السرداب كان طريق عائشة أم