هو السلطان الملك المغيث بن الملك الفائز ابن عم ملك اليمن وكان أبوه أمير اً على ظفار من قبل صاحب اليمن وله عليه هدية يبعثها له في كل سنة ثم استبد الملك المغيث بملكها وامتنع عن إرسال الهدية وكان من عزم ملك اليمن على محاربته تعيين ابن عمه ووقوع الحائط عليه ما ذكرناه آنفاً. وللسلطان قصر بداخل المدينة يسمى الحصن عظيم فسيح والجامع بإزائه. ومن عاداته أن تضرب الطبول والباقات والأنفار والصرنايات على بابه كل يوم بعد صلاة العصر وفي كل يوم اثنين وخميس تأتي العساكر إلى بابه فيقفون خارج المشور ساعة وينصرفون والسلطان لا يخرج ولا يراه أحد إلا في يوم الجمعة فيخرج للصلاة ثم يعود إلى داره ولا يمنع أحد من دخول المشور وأمير جندار قاعد على بابه وإليه ينتهي كل صاحب حاجة أو شكاية وهو يطالع السلطان ويأتيه الجواب للحين. وإذا أراد السلطان الركوب خرجت مراكبه من القصر وسلاحه ومماليكه إلى خارج المدينة وأتى بجمل مستور بستر أبيض منقوش بالذهب فيركب السلطان ونديمه في المحمل بحيث لا يرى وإذا خرج إلى بستانه وأحب ركوب الفرس ركبه ونزل عن المحمل. وعادته أن لا يعارضه أحد في طريقه ولا يقف لرؤيته ولا لشكاية وغيرها ومن تعرض لذلك ضرب أشد الضرب فتجد الناس إذا سمعوا بخروج السلطان فروا عن الطريق وتحاموها. ووزير هذا السلطان الفقيه محمد العدني وكان معلم صبيان فعلم هذا السلطان القراءة والكتابة وعاهده على أن يستوزره أن ملك فلما ملك استوزره فلم يكن يحسنها فكان الإسم له والحكم لغيره. ومن هذه المدينة ركبنا البحر نريد عمان في مركب صغير لرجل يعرف بعلي بن إدريس المصيري من أهل جزيرة مصيرة. وفي الثاني لركوبنا نزلنا بمرسى حاسك وبه ناس من العرب صيادون للسمك ساكنون هنالك وعندهم شجر الكندر وهو رقيق الورق وإذا شرطت الورقة منه قطر منها ماء شبه اللبن ثم عاد صمغا وذلك الصمغ هو اللبان وهو كثير جدّاً هنالك ولا معيشة لأهل ذلك المرسى إلا من صيد السمك، وسمكهم يعرف باللخم "بخاء معجم مفتوح" وهو شبيه كلب البحر. يُشرّح ويقدّد ويقتات به، وبيوتهم من عظام السمك وسقفها من جلود الجمال. وسرنا من مرسى حاسك أربعة أيام ووصلنا إلى جبل لُمعان "بضم اللام"، وهو في وسط البحر، وبأعلاه رابطة مبنية بالحجارة وسقفها من عظام السمك، وبخارجها غدير ماء يجتمع من المطر.