ولهذا المسجد حلقات للتدريس في فنون العلم والمحدثون يقرؤون كتب الحديث على كراسي مرتفعة وقراء القرآن يقرؤون بالأصوات الحسنة صباحا ومساءا وبه جماعة من المعلمين لكتاب الله يستند كل واحد منهم إلى سارية من سواري المسجد يلقن الصبيان ويقرئهم وهم لا يكتبون القرآن في الألواح تنزيها لكتاب الله تعالى وإنما يقرؤون القرآن تلقينا ومعلم الخط غير معلم القرآن يعلمهم بكتب الأشعار وسواها فينصرف الصبي من التعليم إلى التكتيب وبذلك جاد خطه لأن المعلم للخط لا يعلم غيره ومن المدرسين بالمسجد المذكور العالم الصالح برهان الدين بن الفركاح الشافعي ومنهم العالم الصالح نور الدين أبو اليسر بن الصانع من المشتهرين بالفضل والصلاح ولما ولي القضاء بمصر جلال الدين القزويني وجه إلى أبي اليسر الخلعة والأمر بقضاء دمشق فامتنع من ذلك ومنهم الإمام العالم شهاب الدين ابن جهيل من كبار العلماء هرب من دمشق لما امتنع أبو اليسر من قضائها خوفا من أن يقلد القضاء فاتصل ذلك بالملك الناصر فولي قضاء دمشق شيخ الشيوخ بالديار المصرية قطب العارفين لسان المتكلمين علاء الدين القونوي وهو من كبار الفقهاء ومنهم الإمام الفاضل بدر الدين علي السخاوي رحمة الله عليهم أجمعين.
مشاهير قضاة دمشق وفقهائها:
قد ذكرنا قاضي القضاة الشافعي بها جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني وأما قاضي المالكية فهو شرف الدين خطيب الفيوم حسن الصورة والهيئة من كبار الرؤساء وهو شيخ شيوخ الصوفية والنائب عنه في القضاء شمس الدين بن القفصي ومجلس حكمه بالمدرسة الصمصامية وأما قاضي قضاة الحنفية فهو عماد الدين الحوراني وكان شديد السطوة وإليه تحاكم النساء وأزواجهن. وكان الرجل إذا سمع اسم القاضي الحنفي أنصف من نفسه قبل