ويسمى دمور خان ولا خير فيه. أبوه هو الذي بنا هذه المدينة، وكثرت عمارتها بمن لا خير فيه، في مدة ابنه هذا، والناس على دين الملك ورأيته وبعث إلي ثوب حرير. واشتريت بهذه المدينة جارية رومية تسمى مر غليظة، ثم سرنا إلى مدينة بُرْصَا "وضبط اسمها بضم الباء الموحدة وإسكان الراء وفتح الصاد المهمل" مدينة كبيرة عظيمة حسنة الأسواق فسيحة الشوارع تحفها البساتين من جميع جهاتها والعيون الجارية وبخارجها نهر شديد الحرارة يصب في بركة عظيمة وقد بني عليها بيتان: أحدهما للرجال والآخر للنساء، والمرضى يستشفون بهذه الحمة ويأتون إليها من أقاصي البلاد، وهنالك زاوية للواردين ينزلون بها ويطعمون مدة مقامهم وهي ثلاثة أيام. عمر هذه الزاوية أحد ملوك التركمان. ونزلنا في هذه المدينة بزاوية الفتى أخي شمس الدين من كبار الفتيان ووافقنا عنده يوم عاشوراء فصنع طعاماً كثيراً ودعا وجوه العسكر وأهل المدينة ليلاً وأفطروا عنده وقرأ القراء بالأصوات الحسنة وحضر الفقيه الواعظ مجد الدين القونوي ووعظ وذكر وأحسن ثم أخذوا في السماع والرقص وكانت ليلة عظيمة الشأن، وهذا الواعظ من الصالحين يصوم الدهر ولا يفطر إلا في كل ثلاثة أيام ولا يأكل إلا من كد يمينه. ويقال إنه لم يأكل طعام أحد قط ولا منزل له ولا متاع إلا ما يستتر به ولا ينام إلا في المقبرة. ويعظ في المجالس ويذكر فيتوب على يديه في كل مجلس الجماعة من الناس.