وطلبته بعد هذه الليلة فلم أجده وأتيت الجبانة فلم أجده ويقال أنه يأتيها بعد هجوع الناس.
ولما حضرنا ليلة عاشوراء بزاوية شمس الدين وعظ بها مجد الدين آخر الليل فصاح أحد الفقراء صيحة غشي عليه منها فصبوا عليه ماء الورد فلم يفق فأعادوا عليه ذلك فلم يفق واختلفت الناس فيه فمن قائل إنه ميت ومن قائل إنه مغشي عليه وأتم الواعظ كلامه وقرأ القراء وصلينا الصبح وطلعت الشمس فاختبروا حال الرجل فوجدوه فارق الدنيا رحمه الله. فاشتغلوا بغسله وتكفينه وكنت فيمن حضر الصلاة عليه ودفنه وكان هذا الفقير يسمى الصياح وذكروا أنه كان يتعبد بغار هنالك في جبل فمتى علم أن الواعظ مجد الدين يعظ قصده وحضر وعظه ولم يأكل طعام أحد فإذا وعظ مجد الدين يصيح ويغشى عليه ثم يفيق فيتوضأ ويصلي ركعتين ثم إذا سمع الواعظ صاح يفعل ذلك مراراً في الليلة وسمي الصياح لأجل ذلك وكان أعذر اليد والرجل لا قدرة له على الخدمة، وكانت له والدة تقوته من غزلها فلما توفيت اقتات من نبات الأرض. ولقيت بهذه المدينة الشيخ الصالح عبد الله المصري السائح وهو من الصالحين جال الأرض إلا أنه لم يدخل الصين ولا جزيرة سرنديب ولا المغرب ولا الأندلس ولا بلاد السودان وقد زدت عليه بدخول هذه الأقاليم.