للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خبر ثورة الشريف جلال الدين ببلاد المعبر وما اتصل من قتل ابن أخت الوزير.

وكان السلطان قد أمّر على بلاد المعبر وبينها وبين دهلي مسيرة ستة أشهر الشريف جلال الدين أحسن شاه فخالف وادعى الملك لنفسه وقتل نواب السلطان وعماله وضرب الدنانير والدراهم باسمه وكان يكتب في أحدى صفحتي الدينار: سلالة طه ويس، أبو الفقراء والمساكين، جلال الدنيا والدين. وفي الصفحة الأخرى: الواثق بتأييد الرحمن، أحسن شاه السلطان. وخرج السلطان لما سمع بثورته يريد قتاله فنزل بموضع يقال له: كشك زر، معناه قصر الذهب، وأقام به ثمانية أيام لقضاء حوائج الناس. وفي تلك الأيام أتي ابن أخت الوزير خواجه جهان وأربعة من الأمراء أو ثلاثة وهم مقيدون مغلولون وكان السلطان قد بعث وزيره المذكور في مقدمته فوصل إلى مدينة ظهار وهي على مسيرة أربع وعشرين من دهلي وأقام بها أياماً وكان ابن أخته شجاعاً بطلاً فاتفق مع الأمراء الذين أتي بهم على قتل خاله والهروب بما عنده من الخزائن والأموال إلى الشريف القائم ببلاد المعبر وعزموا على الفتك بالوزير عند خروجه إلى صلاة الجمعة فوشى بهم أحد من أدخلوه في أمرهم إلى الوزير وكان يسمى الملك نصرة الحاجب وأخبر الوزير أن آية ما يرمونه لبسهم الدروع تحت ثيابهم فبعث الوزير عنهم فوجدهم كذلك فبعث بهم إلى السلطان وكنت بين يدي السلطان حين وصولهم فرأيت أحدهم وكان طوالاً ألحى١ وهو يرعد ويتلو سورة يس، فأمر بهم فطرحوا للفيلة المعلمة لقتل الناس. وأمر بابن أخت الوزير فرد إلى خاله لقتله فقتله وسنذكر ذلك. وتلك الفيلة التي تقتل الناس تكسى أنيابها حدائد مسنونة شبه سكك الحرث، لها أطراف كالسكاكين ويركب الفيال على الفيل فإذا رمي بالرجل بين يديه لف عليه خرطومه ورمى به إلى الهواء ثم يتلقفه بنابيه ويطرحه بعد ذلك بين يديه ويجعل يده على صدره ويفعل به ما يأمره الفيال على حسب ما أمره السلطان فإن أمره بتقطيعه قطعه الفيل قطعاً بتلك الحدائد وإن أمره بتركه، تركه


١ أي: طويل القامة، ملتحياً.

<<  <  ج: ص:  >  >>