للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خبر الواقعية بجبل قراجيل]

...

خبر الوقيعة بجبل قراجيل:

"وأول اسمه قاف وجيم معقودة" وجبل قراجيل هذا جبل كبير، يتصل مسيرة ثلاثة أشهر. وبينه وبين دهلي مسيرة عشر، وسلطانه من أكبر سلاطين الكفار. وكان السلطان بعث ملك نكبية رأس الدويدارية إلى حرب هذا الجبل ومعه مائة ألف فارس ورجاله سواهم كثير. فملك مدينة جِدْيَدَة "وضبطها بكسر الجيم وسكون الدال المهمل وفتح الياء آخر الحروف" وهي أسفل الجبل وملك ما يليها وسبى وخرب وأحرق وفر الكفار إلى أعلى الجبل وتركوا بلادهم وأموالهم وخزائن ملكهم وللجبل طريق واحد وعن أسفل منه واد وفوقه الجبل فلا يجوز فيه إلا فارس منفرد خلفه آخر فصعدت عساكر المسلمين على ذلك الطريق وتملكوا مدينة وَرَنْكل التي بأعلى الجبل، "وضبطها بفتح الواو والراء وسكون النون وفتح الكاف"، واحتووا على ما فيها، وكتبوا إلى السلطان بالفتح، فبعث إليهم قاضياً وخطيباً وأمرهم بالإقامة. فلما كان وقت نزول المطر غلب المرض على العسكر وضعفوا وماتت الخيل وانحلت القسي فكتب الأمراء إلى السلطان واستأذنوه في الخروج عن الجبل والنزول إلى أسفله بخلال ما ينصرم فصل نزول المطر فيعودون فأذن لهم في ذلك فأخذ الأمير نكبية الأموال التي استولى عليها من الخزائن والمعادن وفرّقها على الناس ليرفعوها ويوصلوها إلى أسفل الجبل فعندما علم الكفار بخروجهم قعدوا لهم بتلك المهاوي وأخذوا عليهم المضيق وصاروا يقطعون الأشجار العادية قطعاً ويطرحونها من أعلى الجبل فلا تمر بأحد إلا أهلكته فهلك الكثير من الناس وأسر الباقون منهم وأخذ الكفار الأموال والأمتعة والخيل والسلاح. ولم يفلت من العسكر إلا ثلاثة أمراء كبيرهم نكبية وبدر الدين الملك دولة شاه وثالث لهما لا أذكره. وهذه الوقيعة أثرت في جيش الهند أثراً كبيراً وأضعفته ضعفاً بينا وصالح السلطان بعدها أهل الجبل على مال يؤدونه إليه لأن لهم البلاد أسفل الجبل ولا قدرة لهم على عمارتها إلا بإذنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>