هو الملك بدر الدين بن قَرَمان "بفتح القاف والراء" وكانت قبله لشقيقه موسى، فنزل عنها للملك الناصر وعوّضه عنها بعوض، وبعث إليه أمير اً وعسكراً، ثم تغلب عليها السلطان بدر الدين وبنى بها دار مملكته واستقام أمره بها، ولقيت هذا السلطان خارج المدينة وهو عائد من تصيده، فنزلت عن دابتي فنزل هو عن دابته وسلمت عليه وأقبل علي، ومن عادة ملوك هذه البلاد أنه إذا نزل لهم الوارد عن دابته نزلوا له وأعجبهم فعله وزادوا في إكرامه وإن سلّم عليهم راكباً ساءهم ذلك ولم يرضهم ويكون سبباً لحرمان الوارد، وقد جرى لي ذلك مع بعضهم وسأذكره. ولما سلّمت عليه وركب وركبت سألني عن حالي وعن مقدمي ودخلت معه المدينة فأمر بإنزالي إلى أحسن نزل وكان يبعث الطعام الكثير والفاكهة والحلواء في طيافير الفضة والشمع، وكسا وأركب وأحسن، ولم يطل مقامنا عنده، وانصرفنا إلى مدينة أَقْصَرا "وضبطها بفتح الهمزة وسكون القاف وفتح الصاد المهمل والراء"، وهي من أحسن بلاد الروم وأتقنها تحف بها العيون الجارية والبساتين من كل ناحية ويشق المدينة ثلاثة أنهار ويجري الماء بدورها وفيها الأشجار ودوالي العنب وداخلها بساتين كثيرة وتصنع بها البسط المنسوبة إليها من صوف الغنم لا مثيل لها في بلد من البلاد ومنها تحمل إلى الشام ومصر والعراق والهند والصين وبلاد