الأتراك، وهذه المدينة في طاعة ملك العراق، ونزلنا منها بزاوية الشريف حسين النائب بها عن الأمير أرتنا، وأرتنا هوالنائب عن ملك العراق، فيما تغلب عليه من بلاد الروم. وهذا الشريف من الفتيان وله طائفة كثيرة وأكرمنا إكراما متناهيا وفعل أفعال من تقدمه.
ثم رحلنا إلى مدينة نَكْدة "وضبط اسمها بفتح النون وإسكان الكاف ودال مهمل مفتوح"، وهي من بلاد ملك العراق مدينة كبيرة كثيرة العمارة قد تخرّب بعضها ويشقها النهر المعروف بالنهر الأسود وهو من كبار الأنهار عليه ثلاث قناطر: إحداها بداخل المدينة واثنتان بخارجها وعليه النواعير بالداخل والخارج منها تسقى البساتين والفواكه بها كثيرة. ونزلنا منها بزاوية الفتى أخي جاروق وهو الأمير بها فأكرمنا على عادة الفتيان وأقمنا ثلاثاً.
وسرنا منها بعد ذلك إلى مدينة قيسارية وهي من بلاد صاحب العراق وهي إحدى المدن العظام بهذا الإقليم بها عساكر أهل العراق وإحدى خواتين الأمير علاء الدين أرتنا المذكور، وهي من أكرم الخواتين وأفضلهن ولها نسبة من ملك العراق وتدعى أغا "بفتح الهمزة والغين المعجم" ومعنى أغا الكبير وكل من بينه وبين السلطان نسبة يدعى بذلك واسمها طغى خاتون، ودخلنا عليها فقامت وأحسنت السلام والكلام، وأمرت بإحضار الطعام فأكلنا. ولما انصرفنا بعث إلينا بفرس مسرج ملجم وخلعة ودراهم مع أحد غلمانها واعتذرت. ونزلنا من هذه المدينة بزاوية الفتى الأخي أمير علي وهو أمير كبير من كبار الأخية بهذه البلاد وله طائفة تتبعه من وجوه المدينة وكبرائها، وزاويته من أحسن الزوايا فرشاً وقناديلاً وطعاماً كثيراً وإتقاناً، والكبراء من أصحابه وغيرهم يجتمعون كل ليلة ويفعلون في إكرام الوارد أضعاف ما يفعله سواهم. ومن عوائد هذه البلاد أنه ما كان منها ليس به سلطان فالأخي هو الحاكم به وهو يركب الوارد ويكسوه ويحسن إليه على قدره وترتيبه في أمره ونهيه وركوبه ترتيب الملوك.
ثم سافرنا إلى مدينة سِيوَاس "وضبط اسمها بكسر السين المهمل وياء مد وآخره سين مهمل" وهي من بلاد ملك العراق وأعظم ماله بهذا الإقليم من البلاد وبها منزل أمرائه وعماله، وهي مدينة حسنة العمارة واسعة الشوارع أسواقها غاصة بالناس، وبها دار مثل المدرسة تسمى دار السيادة لا ينزلها إلا الشرفاء ونقيبهم ساكن بها وتجري لهم فيها مدة مقامهم الفرش والطعام والشمع وغيره فيزيدون