ولما قدمنا هذه المدينة خرج إلى لقائنا أصحاب الفتى بِجَقْجِي وبجق بالتركية السكين وهذا منسوب إليه، والجيمان منه معقودان بينهما قاف، وباؤه مكسورة، وكانوا جماعة منهم الركبان والمشاة. ثم لقينا بعدهم أصحاب الفتى جلبي وهو من كبار الأخية وطبقته أعلى من طبقة أخي بِجَقْجِي فطلبوا أن أنزل عندهم فلم يمكن لي ذلك لسبق الأولين، ودخلنا المدينة معهم جميعاً وهم يتفاخرون والذين سبقوا إلينا قد فرحوا أشد الفرح بنزولنا عندهم ثم كان من صنيعهم في الطعام والحمام والبيت مثل صنيع من تقدم وأقمنا عندهم ثلاثة أيام في أحسن ضيافة، ثم أتاني القاضي وجماعة من الطلبة ومعهم الأمير علاء الدين أرتنا نائب ملك العراق ببلاد الروم، فركبنا معه واستقبلنا الأمير إلى دهليز داره فسلم علينا ورحب، وكان فصيح اللسان بالعربية وسألني عن العراقيين وأصبهان وشيراز وكرمان وعن السلطان أتابك وبلاد الشام ومصر وسلاطين التركمان. وكان مراده أن أشكر الكريم منهم وأذم البخيل فلم أفعل ذلك بل شكرت الجميع. فسر بذلك مني وشكرني عليه. ثم أحضر الطعام وأكلنا وقال: تكونون في ضيافتي فقال له الفتى أخي جلبي إنهم لم ينزلوا بزاويتي فليكونوا عندي وضيافتك تصلهم، فقال: أفعل. فانتقلنا إلى زاويته وأقمنا بها ستا في ضيافته وفي ضيافة الأمير، ثم بعث الأمير بفرس وكسوة ودراهم وكتب لنوابه بالبلاد أن يضيفونا ويكرموننا ويزودونا. وسافرنا إلى مدينة أَمَاصية "وضبط اسمها بفتح الهمزة والميم وألف وصاد مهمل مكسور وياء آخر الحروف مفتوحة"، مدينة كبيرة حسنة ذات أنهار وبساتين وأشجار وفواكه وعلى أنهارها النواعير تسقي جنانها ودورها وهي فسيحة الشوارع والأسواق وملكها صاحب العراق، وبقرب منها بلدة سُونَسَى "وضبط اسمها بضم السين المهمل وواو مد ونون مضموم وسين مهمل مفتوح"، وهي لصاحب العراق أيضا، وبها سكنى وأولاد ولي الله تعالى أبي العباس أحمد الرفاعي، منهم الشيخ عز الدين وهو الآن شيخ الرواق وصاحب سجادة الرفاعي وإخوته الشيخ علي والشيخ يحيى أولاد الشيخ أحمد كوجك ومعناه الصغير ابن تاج الدين الرفاعي، ونزلنا بزاويتهم ورأينا لهم الفضل على من سواهم.