هو الأمير الكبير قُطُلُودُمور "بضم القاف وسكون الطاء المهمل وضم اللام"، ودمور "بضم الدال المهمل والميم وواو ومد وراء" ومعنى اسمه الحديد المبارك لأن قطرا هو المبارك ودمور هو الحديد وهذا الأمير ابن خالة السلطان المعظم محمد أوزبك وأكبر أمرائه وهو واليه على خراسان وولده هارون بك متزوج بابنة السلطان المذكور التي أمها الملكة طيطغلي المتقدم ذكرها وامرأته الخاتون تُرَابَك صاحبة المكارم الشهيرة.
ولما أتاني القاضي مسلماً عليّ كما ذكرته، قال لي: أن الأمير قد علم بقدومك وبه بقيه مرض يمنعه من الإتيان اليك فركبت مع القاضي إلى زيارته وأتينا داره فدخلنا مشوار كبيراً أكثر بيوته خشب ثم دخلنا مشواراً صغيراً فيه قبة خشب مزخرفة قد كسيت حيطانها بالملف الملون وسقفها بالحرير المذهب والأمير على فرش له من الحرير وقد غطى رجليه لما بهما من النقرس وهي فاشية في الترك فسلمت عليه وأجلسني إلى جانبه وقعد القاضي والفقهاء وسألني عن سلطانه الملك محمد أوزبك وعن الخاتون بَيَلُون وعن أبيهما وعن مدينة القسطنطينية فأعلمته بذلك كله، ثم أتي بالموائد فيها الطعام من الدجاج المشوية والكراكي أفراخ الحمام وخبز معجون بالسمن يسمونه الكليجا والكعك والحلوى، ثم أتى بموائد أخرى فيها الفواكه من الرمان المحبب في أواني الذهب والفضة ومعه ملاعق الذهب وبعضه في أواني الزجاج العراقي ومعه الملاعق الخشب ومن العنب والبطيخ العجيب. ومن عوائد هذا الأمير أن يأتي القاضي في كل يوم إلى مشوره ويجلس بمجلس معد له ومعه الفقهاء وكتابه ويجلس في مقابلة أحد الأمراء الكبراء ومعه ثمانية من كبراء أمراء الترك وشيوخهم يسمون الأرغجية "بارزغوجي"، ويتحاكم الناس إليهم. فما كان من القضايا الشرعية حكم فيها القاضي، وما كان من سواها حكم فيها أولئك الأمراء وأحكامهم مضبوطة عادلة لأنهم لا يتهمون بميل ولا يقبلون رشوة. ولما عدنا إلى المدرسة بعد الجلوس مع الأمير بعث إلينا الأرز والدقيق والسمن والأبزار وأحمال الحطب وتلك البلاد كلها لا يعرف بها الفحم وكذلك الهند وخراسان وبلاد العجم. وأما الصين فيوقدون فيها حجارة تشتعل