قال الشيخ الفقيه العالم الثقة الناسك الأبر وفد الله المعتمر شرف الدين لمعتمد في سياحة على رب العالمين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي ثم الطبخى المعروف بابن بطوطة رحمه الله ورضي عنه وكرمه آمين.
الحمد لله١ الذي ذلل الأرض لعباده ليسلكوا منها سبلا فجاجاً، وجعل منها وإليها تاراتهم الثلاث نباتا وإعادة وإخراجاً. دحاها بقدرته فكانت مهاداً للعباد، وأرساها بالأعلام الراسيات والأطواد، ورفع فوقها سمك السماء بغير عماد وأطلع الكواكب هداية في ظلمات البر والبحر. وجعل القمر نورا والشمس سراجا ثم أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد الممات. وأنبت فيها من كل الثمرات. وفطر أقطارها بصنوف النبات، وفجر البحرين عذبا فراتا وملحاً أجاجاً، وأكمل على خلقه الأنعام، بتذليل مطايا الأنعام، وتسخير المنشآت كالأعلام لتمتطوا من صهوة القفر ومتن البحر أثباجاً. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد الذي أوضح منهاجاً. وطلع نور هدايته وهّاجا. بعثه الله تعالى رحمة للعالمين واختاره للنبيين وأمكن صوارمه من رقاب المشركين حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وأيده بالمعجزات الباهرات، وأنطق بتصديقه الجمادات، وأحيا بدعوته الرمم الباليات، وفجر ومن بين أنامله ماء ثجاجاً، ورضي الله تعالى عن المتشرفين بالإنتماء إليه أصحابا وآلا وأزواجاً،
١ هذه المقدمة من إملاء أبي عبد الله ابن بطوطة، وصياغة محمد بن محمد بن جزي إلى قوله: "وأوليائها الأبرار"، وبهذه العبارة كلام ابن بطوطة ليبدأ كلام ابن جزي بقوله: "فأملى من ذلك ما فيه نزهة الخواطر" إلى نهاية المقدمة.