المقيمين تقاة الدين فلا تخشى بعدهم اعوجاجاً، فهم الذين آزروه على جهاد الأعداء، وظاهروه على إظهار الملة البيضاء، وقاموا بحقوقها الكريمة من الهجرة والنصرة والإيواء، واقتحموا دونه نار اليأس حامية، وخاضوا بحر الموت عجاجا، ونستوهب الله تعالى لمولانا الإمام الخليفة أمير المؤمنين المتوكل على رب العالمين المجاهد في سبيل الله المؤيد بنصر الله - أبي عنان فارس ابن موالينا الأئمة المهتدين الخلفاء الراشدين نصرا يوسع الدنيا وأهلها ابتهاجاً، وسعادًا يكون لزمانه لزمان علاجاً، كما وهبه الله بأسا وجودا لم يدع طاغيا ولا محتاجاً، وجعل بسيفه وسيبه لكل ضيق انفراجاً. وبعد، فقد قضت العقول، وحكم المعقول والمنقول، بأن هذه الخلافة العلية، المجاهدة المتوكلة الفاسية. هي ظل الله الممدود على الأنام، وحبله الذي به الاعتصام، وفي سلك طاعته يجب الانتظام، فهي التي أبرأت الدين عند اعتلاله، وأغمدت سيف العدوان عند انسلاله، وأصلحت الأيام بعد فسادها، ونفقت سوق العلم بعد كسادها، وأوضحت طرق البر عند انتهاجها، وسكنت أقطار الأرض عند ارتجاجها وأحيت سنن المكارم بعد مماتها وأماتت رسوم المظالم بعد حياتها وأخمدت نار الفتنة عند اشتعالها، وأنقضت حكام البغي عند استقلالها وشادت مباني الحق على عماد التقوى، واستمسكت من التوكل على الله بالسبب الأقوى فلها العز الذي عقد تاجه على مفرق الجوزاء، والمجد الذي جر أذياله على مجرة السماء، والسعد الذي رد على الزمان غض شبابه والعدل الذي أهل الإيمان مديد أطنانه والجود الذي قطر سحابه اللجين والنضار والبأس الذي فيه غمامة الدار الموار، والنصر الذي تفض كتائبه الأجل، والتأييد الذي بعض غنائمه الدول والبطش الذي سبق سيفه العذل والأناة التي لا يمل عندها الأمل والحزم الذي يسد على الأعداء وجوه المسارب والعزم الذي يفل جموعها قبل قراع الكتائب والحلم الذي يجني من ثمر الذنوب، والرفق الذي جمع على محبته بنات القلوب والعلم الذي يجلو نوره دياجي المشكلات والعمل المفيد بالإخلاص والاعمال بالنيات.
ولما كانت حضرته العلية: مطمح الآمال ومسرح هم الرجال، ومحط رحال الفضائل، ومثابة أمن الخائف ومنية السائل توخى الزمان خدمتهما ببدائع تحفه وروائع طرفه فانثال عليها العلماء انثيال جودها على الصفات وتسابق