وقعت بينهما المراسلة ووقعت له محبة في قلب السلطان أبي إسحاق لما رأى من شجاعته، فقال: أريد أن أراه فإذا رأيته انصرفت عنه فوقف السلطان في خارج القلعة ووقف هو ببابها وسلم عليه فقال له السلطان انزل على الأمان فقال له مظفر إني عاهدت الله أن لا أنزل إليك حتى تدخل أنت قلعتي وحينئذ أنزل إليك فقال له أفعل ذلك فدخل إليه السلطان في عشرة من أصحابه الخواص.
فلما وصل باب القلعة ترجل مظفّر وقبل ركابه ومشى بين يديه مترجلاً، فأدخله داره وأكل من طعامه ونزل معه إلى المحلة راكبا فأجلسه السلطان إلى جانبه وخلع عليه ثيابه وأعطاه مالاً عظيماً ووقع الاتفاق بينهما أن تكون الخطبة باسم السلطان أبو إسحاق وتكون البلاد لمظفر وأبيه وعاد السلطان إلى بلاده.
وكان السلطان أبو إسحاق طمح ذات مرة إلى بناء إيوان كإيوان كسرى وأمر أهل شيراز أن يتولوا حفر أساسه فأخذوا في ذلك وكان أهل كل صناعة يباهون من عداهم فانتهوا إلى المباهاة إلى أن صنعوا القفاف لنقل التراب من الجلد وكسوها ثياب الحرير المزركش وفعلوا ذلك في براذع الدواب وإخراجها وصنع بعضهم الفؤوس من الفضة وأوقدوا الشمع الكثير وكانوا حين الحفر يلبسون أجمل ملابسهم ويربطون فوط الحرير على أوساطهم والسلطان يشاهد أفعالهم في منظرة له وقد شاهدت هذا المبنى وقد ارتفع عن الأرض نحو ثلاثة أذرع ولما بنى أساسه رفع عن أهل المدينة التخديم فيه وصارت الفعلة تخدم فيه بالأجرة ويحشر لذلك آلاف منهم وسمعت والي المدينة يقول أن معظم مجباها ينفق في ذلك البناء وقد كان الموكل به الأمير جلال الدين الفلكي التوريزي وهو من الكبار كان أبوه نائبا عن وزير السلطان أبي سعيد المسمى علي شاه جيلان ولهذا الأمير جلال الدين الفلكي أخ فاضل اسمه هبة الله ويلقب بهاء الملك وفد على ملك الهند حين وفودي عليه ووفد معنا شرف الملك أمير يخت فخلع ملك الهند علينا جميعاً وقدم كل واحد في شغل يليق به وعين لنا المرتب والإحسان وسنذكر ذلك.
وهذا السلطان أبو إسحاق يريد التشبه بملك الهند المذكور في الإيثار وإجزال العطايا. ولكن أين الثريا من الثرى. وأعظم ما تعارفنا من أعطيات أبي إسحاق أنه أعطى الشيخ زاده الخراساني الذي أتاه رسولا عن ملك هراة سبعين ألف دينار. وأما