أن صدر منهما ما أوجب قتلهما فقتلهما. وكان للجوبان ولد رابع اسمه الدمرطاش فهرب إلى ديار مصر، فأكرمه الملك الناصر وأعطاه الإسكندرية، فأبى من قبولها وقال إنما أريد العساكر لأقاتل أبا سعيد وكان متى بعث إليه الملك الناصر بكسوة أعطى هو للذي يوصلها إليه أحسن منها إزراء على الملك الناصر وأظهر أموراً أوجبت قتله فقتله وبعث برأسه إلى أبي سعيد وقد ذكرنا قصته وقصة قراسنقور فيما تقدم ولما قتل الجوبان جيء به وبولده ميتين فوقف بهما على عرفات وحملا إلى المدينة ليدفنا في التربة التي اتخذها الجوبان بالقرب من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنع من ذلك ودفن بالبقيع والجوبان هو الذي جلب الماء إلى مكة شرفها الله تعالى.
ولما استقل السلطان أبو سعيد بالملك أراد أن يتزوج بنت الجوبان وكانت تسمى بغداد خاتون وهي من أجمل النساء وكانت تحت الشيخ حسن الذي تغلب بعد موت أبي سعيد على الملك وهو ابن عمته فأمره فنزل عنها وتزوجها أبو سعيد كانت أحظى النساء لديه والنساء لدى الأتراك والتتر لهن حظ عظيم وهم إذا كتبوا أمراً يقولون فيه عن أمر السلطان والخواتين ولكل خاتون الكثير من البلاد والولايات والمجابي العظيمة وإذا سافرت مع السلطان تكون في محلة على حدة وغلبت هذه الخاتون على أبي سعيد وفضلها على سواها وأقامت على هذه مدة أيام، ثم تزوج امرأة تسمى بِدلشاد فأحبها حباً شديداً وهجر بغداد خاتون فغارت لذلك وسمّته في منديل مسحته به بعد الجماع فمات وانقرض عقبه وغلبت أمراؤه على الجهات كما سنذكره.
ولما عرف الأمراء أن بغداد خاتون هي التي سمته أجمعوا على قتلها وبدر لذلك الفتى الرومي خواجة لؤلؤ وهو من كبار الأمراء وقدمائهم فأتاها وهي في الحمام فضربها بدبوسه وقتلها وطرحت هنالك أياماً مستورة العورة بقطعة تليس واستقل الشيخ حسن بملك عراق العرب وتزوج دلشاد امرأة السلطان أبي سعيد كمثل ما كان أبو سعيد فعله من تزوج امرأته.