للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه من التجار وغيرهم، فيعرف بذلك كله ويعرض على السلطان فمن استحق أن ينزل عنده أنزله. ولما وصلت مع القاضي المذكور وهو يعرف بابن البرهان المصري الأصل إلى دار السلطان خرج بعض الفتيان فسلم على القاضي فقال له بلغ الأمانة وعرف مولانا الشيخ أن هذا الرجل قد وصل من أرض الحجاز فبلغ ثم عاد وأتى بطبق فيه أوراق التنبول والفوفل فأعطاني عشرة أوراق مع قليل من الفوفل وأعطى للقاضي كذلك وأعطى لأصحابي ولطلبة القاضي ما بقي في الطبق وجاء بقمم من ماء الورد الدمشقي فسكب علي وعلى القاضي وقال أن مولانا أمر أن ينزل بدار الطلبة وهي دار معدة لضيافة الطلبة فأخذ القاضي بيدي وجئنا إلى تلك الدار وهي بمقربة من دار الشيخ مفروشة مرتبة بما تحتاج إليه ثم أتى بالطعام من دار الشيخ ومعه أحد وزرائه وهو الموكل بالضيوف فقال مولانا يسلم عليكم ويقول لكم قدمتم خير مقدم ثم وضع الطعام فأكلنا وطعامهم الأرز المطبوخ بالسمن يجعلونه في صحفة خشب كبيرة ويجعلون فوقه صحاف الكوشان وهو الأدام من الدجاج واللحم والحوت والبقول ويطبخون الموز قبل نضجه في اللبن والحليب ويجعلونه في صحفة ويجعلون اللبن المروّب في صحفة ويجعلون عليه الليمون المصبر وعناقيد الفلفل المصبر المخلل والمملوح والزنجبيل الأخضر والعنبا وهي مثل التفاح ولكن لها نواة وهي إذا نضجت شديدة الحلاوة وتؤكل كالفاكهة وقبل نضجها حامضة كالليمون يصبرونها في الخل وهم إذا أكلوا لقمة من الأرز أكلوا بعدها من هذه الموالح والمخللات.

والواحد من أهل مقدشو يأكل قدر ما تأكله الجماعة منا عادة. وهم في نهاية من ضخامة الأجسام وسمنها. ثم لما أطعمنا انصرف عنا القاضي وأقمنا ثلاثة أيام يؤتى إلينا بالطعام ثلاث مرات في اليوم، وتلك عادتهم.

فلما كان اليوم الرابع وهو يوم الجمعة جاءني القاضي والطلبة وأحد وزراء الشيخ وأتوني بكسوة وكسوتهم فوطة خز يشدها الإنسان في وسطه عوض السراويل فإنهم لايعرفونها ودراعة من المقطع المصري معلمة وفرجية من المقدسي مبطنة وعمامة مصرية معلمة وأتو لأصحابي بكُسى تناسبهم وأتينا الجامع فصلينا خلف المقصورة فلما خرج الشيخ من باب المقصورة سلمت عليه مع القاضي فرحب وتكلم بلسانه مع القاضي ثم قال

<<  <  ج: ص:  >  >>