الصور والسيرة، جلساؤه الفقهاء وهم معظمون لديه، وببابه منهم جماعة منهم الفقيه الخوارزمي عارف بالفنون فاضل وكان السلطان في أيام لقائي له واجداً عليه بسبب رحلته إلى مدينة أيا سلوق ووصوله إلى سلطانها وقبوله ما أهداه. فسأل مني هذا الفقيه أن أتكلم عند الملك في شأنه بما يذهب ما في خاطره فأثنيت عليه عند السلطان وذكرت ما علمته من علمه وفضله ولم أزل به حتى ذهب ما كان يجده عليه، وأحسن إلينا هذا السلطان وأركبنا وزودنا. وسكناه في مدينة بَرْجِين وهي قرية من ميلاس بينهما ميلان "وضبط اسمها بفتح الموحدة وإسكان الراء وجيم وياء مد وآخره نون"، وهي جديدة على تل هنالك، بها العمارات الحسان والمساجد، وكان قد بنى بها مسجداً جامعاً لم يتم بناؤه بعد، وبهذه البلد لقيناه ونزلنا منها بزاوية الفتى أخي علي، ثم انصرفنا بعد ما أحسن إلينا كما قدمناه إلى مدينة قُونِية "وضبط اسمها بضم القاف وواو مد ونون مسكن مكسور وياء آخر الحروف" مدينة حسنة العمارة كثيرة المياه والأنهار والبساتين والفواكه، وبها المشمش المسمى بقمر الدين وقد تقدّم ذكره ويحمل منه أيضا إلى ديار مصر والشام، وشوارعها متسعة جدًّا، وأسواقها بديعة الترتيب وأهل كل صناعة على حدة ويقال أن هذه المدينة من بناء الإسكندر وهي من بلاد السلطان بدر الدين بن قرمان وسنذكره. وقد تغلّب عليها صاحب العراق في بعض الأوقات لقربها من بلاده التي بهذا الإقليم. نزلنا بزاوية قاضيها ويعرف بابن قلم شاه وهو من الفتيان وزاويته من أعظم الزوايا وله طائفة كبيرة من التلاميذ ولهم للفتوة سند يتصل إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ولباسها عندهم السراويل كما تلبس الصوفية الخرقة وكان صنيع هذا القاضي في إكرامنا وضيافتنا أعظم من صنيع من قبله وأجمل وبعث ولده عوضاً عنه لدخول الحمام معنا، وبهذه المدينة تربة الشيخ الإمام الصالح القطب جلال الدين المعروف بمولانا، وكان كبير القدر وبأرض الروم طائفة ينتمون إليه ويعرفون باسمه فيقال لهم الجلالية كما تعرف الأحمدية بالعراق والحديرية بخراسان، وعلى تربته زاوية عظيمة فيها الطعام للوارد.
وقيل إنه في ابتداء أمره فقيهاً مدرسًا يجتمع إليه الطلبة بمدرسته بقونية فدخل يوماً إلى المدرسة رجل يبيع الحلواء وعلى رأسه طبق منها وهي مقطعة قطعا يبيع القطعة منها بفلس فلما أتى مجلس التدريس قال له الشيخ هات