للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ومنهم قاضي قضاة المالكية الإمام الصالح تقي الدين الاخنائي ومنهم قاضي قضاة الحنفية الإمام العالم شمس الدين الحريري وكان شديد السطوة لا تأخذه في الله لومة لائم وكانت الأمراء تخافه ولقد ذكر لي أن الملك الناصر قال يوما لجلسائه إني لا أخاف من أحد إلا من شمس الدين الحريري ومنهم قاضي قضاة الحنبلية ولا أعرفه الآن إلا أنه كان يدعى بعز الدين.

وكان الملك الناصر رحمه الله يقعد للنظر في المظالم ورفع قصص المتشكين كل يوم اثنين وخميس ويقعد القضاة الأربعة عن يساره وتقرأ القصص بين يديه ويعين من يسأل صاحب القصة عنها وقد سلك مولانا أمير المؤمنين ناصر الدين١ أيده الله في ذلك مسلكا لم يسبق إليه ولا مزيد في العدل والتواضع عليه وهو سؤاله بذاته الكريمة المتظلم وعرضه بين يديه المستقيمة أبى الله أن يحضرها سواه أدام الله أيامه وكان رسم القضاة المذكورين أن يكون أعلاهم منزلة في الجلوس قاضي الشافعية ثم قاضي الحنفية ثم قاضي المالكية ثم قاضي الحنبلية فلما توفي شمس الدين الحريري وولي مكانه برهان الدين عبد الحق الحنفي أشار الأمراء على الملك الناصر بأن يكون مجلس المالكي فوقه وذكروا أن العادة جرت بذلك قديما إذ كان قاضي المالكية زين بن مخلوف يلي قاضي الشافعية تقي الدين بن دقيق العيد فأمر الناصر بذلك فلما علم به قاضي الحنفية غاب شهود المجلس أنفة من ذلك فأنكر الملك الناصر مغيبه وعلم ما قصده فأمر بإحضاره فلما مثل بين يديه أخذ الحاجب بيده وأقعده حيث نفذ أمر السلطان مما يلي قاضي المالكية واستمر حاله على ذلك.

نبذة عن بعض علماء مصر وأعيانها:

فمنهم شمس الدين الأصبهاني إمام الدنيا في المعقولات ومنهم شرف الدين الزواوي المالكي ومنهم برهان الدين ابن بنت الشاذلي نائب قاضي القضاة بجامع الصالح ومنهم ركن الدين بن القوبع التونسي منن الأئمة في المعقولات


١يقصد به أبا عنان فارس، وهكذا يفعل ابن بطوطة وابن جزي في كلّ مناسبة يقارنان فيها بينه وبين غيره من الملوك والأمراء، تزلّفاً إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>