عجيبة عليها شجرة جوز عظيمة. ينزل الواردون في الصيف تحت ظلالها وشيخ هذه الزاوية يعرف بالحاج خرد وهو الصغير من الفضلاء وركب معنا وأرانا مزارات هذه المدينة منها قبر حزوقيل النبي عليه السلام وعليه قبة حسنة وزرنا بها أيضا قبوراً كثيرة من قبور الصالحين لا أذكرها الآن، ووقفنا على دار إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه وهي دار ضخمة مبنية بالصخر الأبيض الذي يشبه الكذان. وكان زرع الزاوية مقترن بها وقد سدت عليه فلم ندخلها وهي بمقربة من المسجد الجامع. ثم سافرنا من مدينة بلخ فسرنا في جبال قوة استان "قهستان" سبعة أيام. وهي قرى كثيرة عامرة بها المياه الجارية والأشجار المورقة وأكثرها شجر التين، وبها زوايا كثيرة فيها الصالحون المنقطعون إلى الله تعالى. وبعد ذلك كان وصولنا إلى مدينة هراة وهي أكبر المدن العامرة بخراسان ومدن خراسان العظيمة أربع: ثنتان عامرتان وهما هراة ونيسابور، وثنتان خربتان وهما بلخ ومور. ومدينة هراة عظيمة كثيرة العمارة ولأهلها صلاح وعفاف وديانة، وهم على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وبلدهم طاهر من الفساد.
وكان سلطان هراة هو السلطان المعظم حسين بن السلطان غياث الدين الغوري صاحب الشجاعة المأثورة. والتأييد والشجاعة ظهر له إنجاد الله تعالى وتأييده في موطنين اثنين ما يقضى منه العجب إحداهما: عند ملاقاة جيشه للسلطان خليل الذي بغى عليه وكان منتهى أمره حصوله أسيراً في يديه، والموطن الثاني: عند ملاقاته بنفسه لمسعود سلطان الرافضة. وكان منتهى أمره تبديده وفراره وذهاب ملكه. وولي السلطان حسين الملك بعد أخيه المعروف بالحافظ وولي بعد أبيه غياث الدين.
وكان بخراسان رجلان أحدهما يسمى بمسعود والآخر يسمى بمحمد وكان لهما خمسة من الأصحاب وهم من الفتاك ويعرفون بالعراق بالشطَّار ويعرفون بخراسان بسرابداران "سربداران" ويعرفون بالعراق بالصقور. فاتفق سبعتهم على الفساد وقطع الطرق وسلب الأموال وشاع خبرهم وسكنوا جبلاً منيعا بمقربة من مدينة بيهق وتسمى أيضا مدينة سيزار "سيزوار". فكانوا يكمنون بالنهار ويخرجون بالليل والعشى فيضربون على القرى ويقطعون الطرق ويأخذون الأموال وانثال عليهم أشباههم من أهل الشر والفساد، فكثر