والمماليك وغير ذلك. ولقد اشتريت من تاجر عراقي من أهل تكريت يعرف بمحمد الدوري بمدينة غزنة نحو ثلاثين فرساً وجملاً عليه حمل من النشاب فإنه مما يهدى إلى السلطان وذهب التاجر المذكور إلى خراسان ثم عاد إلى الهند وهنالك تقاضى مني مائة، واستفاد بسببي فائدة عظيمة وعاد من كبار التجار. ولقيته بمدينة حلب بعد سنين كثيرة وقد سلبني الكفار ما كان بيدي فلم ألق منه خيراً.
ولما أَجَزْنا نهر السند المعروف ببنج آب دخلنا غيضة قصب لسلوك الطريق لأنه في وسطها فخرج علينا الكركدن وصورته أنه حيوان أسود اللون عظيم الجرم رأسه كبير متفاوت الضخامة ولذلك يضرب به المثل، فيقال: الكركدن رأس بلا بدن وهو دون الفيل ورأسه أكبر من رأس الفيل بأضعاف وله قرن واحد بين عينيه طوله نحو ثلاثة أذرع وعرضه نحو شبر ولما خرج علينا عارضه بعض الفرسان في طريقه فضرب الفرس الذي كان تحته بقرنه فأنفذ فخذه وصرعه وعاد إلى الغيضة فلم نقدر عليه. وقد رأيت الكركدن مرة ثانية في هذا الطريق بعد صلاة العصر وهو يرعى نبات الأرض فلما قصدناه هرب منا. ورأيته مرة أخرى ونحن مع ملك الهند دخلنا غيضة قصب وركب السلطان على الفيل وركبنا معه الفيلة ودخلت الرجالة والفرسان فأثاروه وقتلوه واستاقوا رأسه إلى المحلة.
وسرنا من نهر السند يومين ووصلنا إلى مدينة جَنَاني "وضبط اسمها بفتح الجيم والنون الأولى وكسر الثانية" مدينة كبيرة حسنة على نهر السند لها أسواق مليحة وسكانها طائفة يقال لهم السامرة استوطنوها قديماً واستقر بها أسلافهم حين فتحها على أيام الحجاج بن يوسف حسبما أثبت المؤرخون في فتح السند. وأخبرني الشيخ الإمام العالم العامل الزاهد العابد ركن الدين بن الشيخ الفقيه الصالح شمس الدين بن الشيخ الإمام العابد الزاهد بهاء الدين زكريا القرشي وهو أحد الثلاثة الذين أخبرني الشيخ الولي الصالح برهان الدين الأعرج بمدينة الاسكندرية أني سألقاهم في رحلتي فلقيتهم والحمد لله، أن جده الأعلى كان يسمى بمحمد بن قاسم القرشي وشهد فتح السند في العسكر الذي بعثه لذلك الحجاج بن يوسف أيام إمارته على العراق وأقام بها وتكاثرت ذريته. وهؤلاء الطائفة المعروفون بالسامرة لا يأكلون مع أحد ولا ينظر إليهم أحد حين