من قصعة رسول الله صلى الله عليه وسلم والميل الذي كان يكتحل به والدرفش وهو الأشفا الذي كان يخصف به نعله ومصحف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذي بخط يده رضي الله عنه ويقال أن الصاحب اشترى ما ذكرناه من الآثار الكريمة النبوية بمائة ألف درهم وبنى الرباط وجعل فيه الطعام للوارد والصادر والجراية لخدام تلك الآثار الشريفة نفعه الله تعالى بقصده المبارك. ثم خرجت من الرباط المذكور ومررت بمنية القائد وهي بلدة صغيرة على ساحل النيل. ثم سرت منها إلى مدينة بوش "وضبطها بضم الباء الموحدة واحدة شين معجم" وهذه المدينة أكثر بلاد مصر كتانا ومنها يجلب إلى سائر الديار المصرية وإلى إفريقية. ثم سافرت منها فوصلت إلى مدينة دلاص "وضبط اسمها بفتح الدال المهملة وآخره صاد مهملة"، وهذه المدينة كثيرة الكتان أيضا كمثل التي ذكرناها قبلها ويحمل أيضا منها إلى ديار مصر وإفريقية. ثم سافرت منها إلى مدينة ببا "وضبط اسما بباءين موحدتين أولاهما مكسورة". ثم سافرت منها إلى مدينة البهنسا، وهي مدينة كبيرة وبساتينها كثيرة "وضبط اسمها بفتح الموحدة وإسكان الهاء وفتح النون والسين". وتصنع بهذه المدينة ثياب الصوف الجيدة. وممن لقيته بها قاضيها العالم شرف الدين وهو كريم النفس فاضل ولقيت بها الشيخ الصالح أبا بكر العجمي ونزلت عنده وأضافني. ثم سافرت منها إلى مدينة منية ابن خصيب١ وهي مدينة كبيرة الساحة متسعة المساحة مبنية على شاطئ النيل وحق حقيق لها على بلاد الصعيد التفضيل بها المدارس والمشاهد والزوايا والمساجد وكانت في القدم منية عامل مصر الخصيب.
١ تعرف الآن بمدينة المِنْيَا، وهي عاصمة محافظة المنيا في صعيد مصر.