للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به أصلاً. وفيه ثلاث عشرة قبة من حجارة ومنبره أيضا من الحجر وله أربعة صحون وفي وسط الجامع العمود الهائل الذي لا يدري من أي المعادن هو. ذكر لي بعض حكامهم أنه يسمى هَفْت جُوش ومعنى ذلك سبعة معادن وأنه مؤلف منها وقد جلي من هذا العمود مقدار السبابة ولذلك المجلو منه بريق عظيم ولا يؤثر فيه الحديد وطوله ثلاثون ذراعاً وأدرنا به عمامة فكان الذي أحاط بدائرته منها ثمانية أذرع وعند الباب الشرقي من أبواب المسجد صنمان كبيران جداً من النحاس مطروحان بالأرض قد ألصقا بالحجارة ويطأ عليها كل داخل إلى المسجد أو خارج منه وكان موضع هذا المسجد بدخانة وهو بيت الأصنام فلما افتتحت جعل مسجداً وفي الصحن الشمالي من المسجد الصومعة التي لا نظير لها في بلاد الإسلام وهي مبنية بالحجارة الحمر خلافاً لحجارة سائر المسجد فإنها بيض وحجارة الصومعة منقوشة وهي سامية الارتفاع وفحلها من الرخام الأبيض الناصع وتفافيحها من الذهب الخالص وسعة ممرها بحيث تصعد فيه الفيلة حدثني من أثق به أنه رأى الفيل حين بنيت يصعد بالحجارة إلى أعلاها وهي من بناء السلطان معز الدين بن ناصر الدين بن السلطان غياث الدين بَلَبََن. وأراد السلطان قطب الدين أن يبني بالصحن الغربي صومعة أعظم منها فبنى مقدار الثلث منها واخترم دون تمامها وأراد السلطان محمد إمامها ثم ترك ذلك تشاؤماً. وهذه الصومعة من عجائب الدنيا في صخامتها وسعة ممرها بحيث تصعده ثلاثة من الفيلة متقارنة وهذا الثلث المبني منها مساو لارتفاع جميع الصومعة التي ذكرنا أنها بالصحن الشمالي وصعدتها مرة فرأيت معظم دور المدينة وعاينت الأسوار على ارتفاعها وسموها منحطة وظهر لي الناس في أسفلها كأنهم الصبيان الصغار ويظهر لناظرها من أسفلها أن أرتفاعها ليس بذلك لعظم جرمها وسعتها. وكان السلطان قطب الدين أراد أن يبني أيضا مسجداً جامعاً بسيري المسماة دار الخلافة فلم يتم منه غير الحائط القبلي والمحراب وبناؤه بالحجارة البيض والسود والحمر والخضر ولو كمل لم يكن له مثل في البلاد وأراد السلطان محمد إتمامه وبعث عرفاء البناء ليقدروا النفقة فيه فزعموا أنه ينفق في إتمامه خمسة وثلاثون لكًّا فترك ذلك استكثاراً له وأخبرني بعض خواصه أنه لم يتركه استكثاراً لكنه تشام به لما كان السلطان قطب الدين قتل قبل تمامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>