للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تؤذيه فلا زال يشكوها إلى عمه السلطان جلال الدين حتى وقعت الوحشة بينهما بسببها وكان علاء الدين شهماً شجاعاً مظفراً منصوراً، وحب الملك ثابت في نفسه، إلا أنه لم يكن له مال إلا ما يستفيده بسيفه من غنائم الكفار، فاتفق أنه ذهب مرة إلى الغزو ببلاد الدويقير، وتسمى بلاد الكّتكه أيضاً وسنذكرها. وهي كرسي بلاد المالوه والمرهتة، وكان سلطانها أكبر سلاطين الكفار، فعثرت بعلاء الدين في تلك الغزوة دابة له عند حجر، فسمع له طيناً فأمر بالحفر هنالك فوجد تحته كنزاً عظيماً ففرّقه في أصحابه، ووصل إلي الدويقر فأذعن له سلطانها بالطاعة ومكنه من المدينة من غير حرب وأهدى له هدايا عظيمة فرجع إلي مدينة كرا ولم يبعث إلى عمه شيئا من الغنائم فأغرى الناس عمه به فبعث عنه فامتنع من الوصول إليه فقال جلال الدين أنا أذهب إليه وآتي به فإنه محل ولدي فتجهز في عساكره وطوى المراحل حتى حلّ بساحل مدينه كرا حيث نزل السلطان معز الدين لما خرج إلى لقاء أبيه ناصر الدين وركب النهر برسم الوصول إلى ابن أخيه وركب ابن أخيه أيضاً في مركب ثان عازماً على الفتك به، وقال لأصحابه أذا أنا عانقته فاقتلوه، فلما التقيا وسط النهر عانقه ابن أخيه وقتله أصحابه كما وعدهم واحتوى على ملكه وعساكره.

ولما قتل علاء الدين عمه استقل بالملك وفرّ إليه أكثر عساكر عمه وعاد بعضهم إلى دهلي واجتمعوا على ركن الدين وخرج إلى دفاعه فهربوا جميعاً إلى علاء الدين محمد شاه الجلخي، وفرّ ركن الدين إلى السند ودخل علاء الدين دار الملك واستقام له الأمر عشرين سنة، وكان من خيار السلاطين، وأهل الهند يثنون عليه كثيراً وكان يتفقد أمور الرعية بنفسه ويسأل عن أسعارهم ويحضر المحتسب وهم يسمونه الرئيس في كل يوم برسم ذلك ويذكر أنه سأله يوماً عن سبب غلاء اللحم فأخبره أن ذلك لكثرة المغرم على البقر في الرتب فأمر برفع ذلك وأمر بإحضار التجار وأعطاهم الأموال وقال لهم اشتروا بها البقر والغنم وبيعوها ويرتفع ثمنها لبيت المال ولكم أجرة على بيعها ففعلوا ذلك وفعل مثل هذا في الأثواب التي يؤتى بها من دولة أباد وكان إذا غلا ثمن الزرع فتح المخازن وباع الزرع حتى يرخص السعر ويذكر أن السعر ارتفع ذات مرة فأمر ببيع الزرع بثمن عينه فامتنع الناس من بيعه بذلك الثمن فأمر ألا يبيع أحد زرعاً غير زرع المخزن وباع للناس ستة أشهر فخاف المحتكرون فساد زرعهم

<<  <  ج: ص:  >  >>