وكان خسرو خان من أكبر أمراء قطب الدين وهو شجاع حسن الصورة وكان فتح بلاد جنديري وبلاد المعبر وهي من أخصب بلاد الهند وبينهما وبين دهلي مسيرة ستة أشهر وكان قطب الدين يحبه حبّاً شديداً ويؤثره فجر ذلك حتفه على يديه، وكان لقطب الدين معلم يسمى قاضي خان صدر الجهان وهو أكبر أمرائه وكليت "كليد" دار وهو صاحب مفاتيح القصر وعادته أن يبيت كل ليلة على باب السلطان ومعه أهل النوبة وهم ألف رجل يبيتون مناوبة بين أربع ليال ويكونون صفين فيما بين أبواب القصر وسلاح كل واحد منهم بين يديه فلا يدخل أحد إلا فيما بين سماطيهم وإذا تم الليل أتى أهل النوبة بالنهار ولأهل النوبة أمراء وكتاب يتطوفون عليهم ويكتبون من غاب منهم أو حضر. وكان معلم السلطان قاضي خان يكره أفعال خسرو خان ويسوءه ما يراه من إيثاره لكفار الهنود وميله إليهم وأصله منهم. ولا يزال يلقي ذلك إلى السلطان فلا يسمع منه ويقول له دعه وما يريد لما أراد الله من قتله على يده فلما كان في بعض الأيام قال خسرو خان للسلطان أن جماعة من الهنود يريدون أن يسلموا. ومن عادتهم بتلك البلاد أن الهندي إذا أراد الإسلام أدخل إلى السلطان فيكسوه كسوة حسنة ويعطيه قلادة وأساور من ذهب على قدره. فقال له السلطان: ائتني بهم. فقال: إنهم يستحيون أن يدخلوا إليك نهاراً لأجل أقربائهم وأهل ملتهم فقال له: ائتني بهم ليلاً، فجمع خسرو خان جماعة من شجعان الهنود وكبرائهم فيهم أخوه خان خانان وذلك أوان الحر والسلطان ينام فوق سطح القصر ولا يكون عنده في ذلك الوقت إلا بعض الفتيان فلما دخلوا الأبواب الأربعة وهم شاكو في السلاح ووصلوا إلى الباب الخامس وعليه قاضي خان أنكر شأنهم وأحس بالشر فمنعهم من الدخول وقال لا بد أن أسمع من خوند عالم بنفسي الإذن في دخولهم وحينئذ يدخلون فلما منعهم من الدخول عليه هجموا عليه فقتلوه. وعلت الضجة بالباب، فقال السلطان: ما هذا؟ فقال خسرو خان: هم الهنود الذين أتوا ليسلموا، فمنعهم قاضي خان من الدخول. وزاد الضجيج فخاف السلطان وقام يريد الدخول إلى القصر وكان بابه مسدوداً والفتيان عنده فقرع الباب واحتضنه خسرو خان من خلفه وكان السلطان أقوى منه فصرعه. ودخل الهنود فقال لهم خسرو خان: هو ذا فوقي فاقتلوه، فقتلوه. وقطعوا رأسه ورموا به من سطح القصر إلى صحنه. وبعث خسروخان من حينه