للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفقية شرف الدين الدميري "بفتح الدال المهمل وكسر الميم" الشافعي وكبارها قوم يعرفون ببني فضيل بنى أحدهم جامعا أنفق فيه صميم ماله وبهذه المدينة إحدى عشرة معصرة للسكر- ومن عوائدهم أنهم لا يمنعون فقيرا من دخول معصرة منها فيأتي الفقير بالخبزة الحارة فيطرحها في القدر التي يطبخ السكر فيها ثم يخرجها وقد امتلاءت سكرا فينصرف بها. وسافرت من منلوى المذكورة إلى مدينة منفلوط وهي مدينة حسن هواؤها مؤنق بناؤها على ضفة النيل شهيرة البركة "وضبط اسمها بفتح الميم وإسكان النون وفتح الفاء وضم اللام وآخرها طاء مهمل".

وقد أخبرني أهل هذه المدينة أن الملك الناصر رحمه الله أمر بعمل منبر عظيم محكم الصنعة بديع الإنشاء برسم المسجد الحرام زاده الله شرفا وتعظيما فلما تم عمله أمر أن يصعد به في النيل ليجتاز إلى بحر جدة ثم إلى مكة شرفها الله فلما وصل المركب الذي احتمله إلى منفلوط وحاذى مسجدها الجامع وقف وامتنع من الجري مع مساعدة الريح فعجب الناس من شأنه أشد العجب وأقاموا أياما لا ينهض بهم المركب فكتبوا بخبر إلى الملك الناصر رحمه الله فأمر أن يجعل ذلك المنبر بجامع مدينة منفلوط ففعل ذلك وقد عاينته بها ويصنع في هذه المدينة شبه العسل يستخرج من القمح ويسمونه النيدا. يباع بأسواق مصر. وسافرت من هذه المدينة إلى مدينة أسيوط وهي مدينة رفيعة أسواقها بديعة "وضبط اسمها بفتح الهمزة وسكون السين المهملة وضم الياء آخر الحروف واو وطاء مهملة" وقاضيها شرف الدين بن عبد الرحيم الملقب "بحاصل ما ثم" لقب اشتهر به وأصله أن القضاة بديار مصر والشام بأيديهم الأوقاف والصدقات لأبناء السبيل فإذا أتى فقير لمدينة من المدن قصد القاضي بها فيعطيه ما قدر له فكان القاضي إذا أتاه الفقير يقول له حاصل ما ثم١ أي لم يبق من المال الحاصل شيء فلقب بذلك ولزمه وبها من المشايخ الفضلاء الصالح شهاب الدين ابن الصباغ أضافني بزاويته. وسافرت منها إلى مدينة أخميم وهي مدينة عظيمة أصيلة البنيان عجمية الشأن بها البربي المعروف باسمه وهو مبني بالحجارة في داخله نقوش وكتابة للأوائل، لا تفهم في هذا


١ ثَمَّ هنا ظرف مكان بمعنى هنا. والمراد ما هنا من الحاصل شيءٌ حتى أعطيكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>