صبّاً. وهذا السرير وهذه المبخرة لا يخرجان إلا في العيدين خاصة ويجلس السلطان في بقية أيام العيد على سرير ذهب دون ذلك وتنصب باركة بيده لها ثلاثة أبواب يجلس السلطان في داخلها ويقف على الباب الأول منها عماد الملك سرتيز، وعلى الباب الثاني الملك نكبية، وعلى الباب الثالث يوسف بغرة، ويقف عن اليمين أمراء المماليك السلحدارية، وعن اليسار كذلك. ويقف الناس على مراتبهم وشحنة الباركة ملك طغى بيده عصا ذهب وبيد نائبه عصا فضة يرتبان الناس ويسويان الصفوف، ويقف الوزير والكتاب خلفه ويقف الحجاب والنقباء ثم يأتي أهل الطرب، فأولهم بنات الملوك الكفار من الهنود المسبيات في تلك السنة فيغنين ويرقصن ويهبهن السلطان للأمراء والأعزة، ثم يأتي بعدهن سائر بنات الكفار فيغنين ويهبهن لإخوته وأقاربه وأصهاره وأبناء الملوك، ويكون جلوس السلطان لذلك بعد العصر. ثم يجلس في اليوم الذي بعده بعد العصر أيضاً على ذلك الترتيب، ويؤتى بالمغنيات فيغنين ويرقصن ويهبهن لأمراء المماليك. وفي اليوم الثالث يزوج أقاربه وينعم عليهم. وفي اليوم الرابع يعتق العبيد. وفي اليوم الخامس يعتق الجواري. وفي اليوم السادس يزوج العبيد بالجواري، وفي اليوم السابع يعطي الصدقات ويكثر منها.
وإذا قدم السلطان من أسفاره، زينت الفيلة، ورفعت على ستة عشر فيلاً منها ستة عشر شطراً، منها مزركش ومنها مرصع وحلت أمامه الغاشية وهي الستارة المرصعة بالجوهر النفيس وتصنع قباب من الخشب مقسومة على طبقات وتكسى بثياب الحرير، ويكون في كل طبقة الجواري المغنيات عليهن أجمل لباس وأحسن حلية ومنهن رواقص ويحصل في وسط كل قبة حوض كبير مصنوع من الجلود مملوء بماء الجلاب محلولاً بالماء يشرب منه جميع الناس من وارد وصادر وبلدي أو غريب، وكل من يشرب منه يعطى التنبول والفوفل، ويكون ما بين القباب مفروشاً بثياب الحرير يطأ عليها مركب السلطان وتزين حيطان الشارع الذي يمر به من باب المدينة إلى باب القصر بثياب الحرير ويمشي أمامه المشاة من عبيده وهم آلاف وتكون الأفواج والعساكر خلفه ورأيت في بعض قدماته على الحضرة وقد نصبت ثلاث أو أربع من الرعادات الصغار على الفيلة ترمي بالدنانير والدراهم على الناس فيلتقطونها من حين دخوله إلى المدينة حتى وصل إلى قصره.