للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك قبل الطعام. فإذا شربوا، قال الحجاب: بسم الله، ثم يشرعون في الأكل ويجعل أمام كل إنسان من جميع ما يحتوي عليه السماط يأكل منه وحده ولا يأكل أحد مع أحد في صفحة واحدة فإذا فرغوا من الأكل أتوا بالفقاع في أكواز القصدير فإذا أخذوه قال الحجاب: بسم الله. ثم يؤتى بأطباق التنبول والفوفل فيعطى كل إنسان غرفة من الفوفل المهشوم وخمس عشرة ورقة من التنبول مجموعة مربوطة بخيط حرير أحمر فإذا أخذ الناس التنبول قال الحجاب: بسم الله فيقومون جميعاً ويخدم الأمير المعين للإطعام ويخدمون لخدمته ثم ينصرفون وطعامهم مرتان في اليوم الواحد أحداهما قبل الظهر، والأخرى بعد العصر.

وأذكر من أخباره أهم ما حضرته وشاهدته وعاينته، ويعلم الله تعالى صدق ما أقول، وكفى به شهيداً. مع أن الذي أحكيه مستفيض متواتر والبلاد التي تقرب من أرض الهند كاليمن وخراسان وفارس مملوءة بأخباره يعلمونها حقيقةً ولاسيما جوده على الغرباء فإنه يفضلهم على أهل الهند ويؤثرهم ويجزل لهم الاحسان ويسبغ عليهم الإنعام ويوليهم الخطط الرفيعة ويوليهم المواهب العظيمة ومن إحسانه إليهم أن سماهم الأعزة ومنع أن يدعوا الغرباء. وقال أن الإنسان إذا دعي غريباً انكسر خاطره وتغير حاله. وسأذكر بعضاً مما لا يحصى من عطاياه الجزيلة ومواهبه أن شاء الله تعالى.

وكان شهاب الدين صديقاً لملك التجار الكازروني الملقب ببرويز. وكان السلطان قد أقطع ملك التجار مدينة كنباية ووعده أن يوليه الوزارة فبعث إلى صديقه شهاب الدين ليقدم عليه فأتاه وأعد هدية للسلطان وهي سراجة من الملف المقطوع المزين بورقة الذهب وصيوان مما يناسبها وخباء وتابع وخباء راحة كل ذلك من الملف المزين وبغال كثيرة فلما قدم شهاب الدين بهذه الهدية على صاحبه ملك التجار وجده آخذاً في القدوم على الحضرة بما اجتمع عنده من مجابي بلاده وبهدية للسلطان.

وعلم الوزير خواجة جهان بما وعده به السلطان من ولاية الوزارة، فغار من ذلك وقلق بسببه. وكانت بلاد كنباية والجزرات قبل تلك المدة في ولاية الوزير ولأهلها تعلق بجانبه وانقطاع إليه وتخدم له وأكثرهم كفار وبعضهم عصاة يمتنعون بالجبال. فدس الوزير إليهم أن يضربوا على ملك التجار إذا خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>