ويعظمه، ثم صرفه وأعطاه أموالاً طائلة، وفي جملة ما أعطاه جملة من صفائح الخيل ومسأمير ها كل ذلك من الذهب الخالص، وقال له: إذا نزلت من البحر فأنعل أفراسك بها. فتوجه إلى كنباية ليركب البحر منها إلى بلاد اليمن. فوقعت قضية خروج القاضي جلال الدين وأخذه مال ابن الكولمي فأخذ أيضاً ما كان لشخ الشيوخ وفر بنفسه مع ابن الكولمي إلى السلطان وفلما رآه قال له ممازحاً: أمدي كزر "كه زر" بري بادكري "دلر باي" صنم خرى زر نيري وسر نهى، معناه جئت لتحمل الذهب تأكله مع الصور الحسان. فلا تحمل ذهباً ورأسك تخليه ها هنا. قال له ذلك على معنى الانبساط ثم قال له اجمع خاطرك فها أنا سائر إلى المخالفين وأعطيك أضعاف ما أخذوه لك. وبلغني بعد انفاصلي عن بلاد الهند أنه وفى بما وعده وأخلف له جميع ما ضاع منه وأنه وصل بذلك إلى ديار مصر.
ولما قدم الفقيه الواعظ الترمذي ناصر الدين على السلطان، وأقام تحت إحسانه مدة عام ثم أحب الرجوع إلى وطنه فأذن له في ذلك ولم يكن سمع كلامه ووعظه. ولما خرج السلطان يقصد بلاد المعبر أحب سماعه قبل انصرافه فأمر أن يهيأ له منبر من الصندل الأبيض المقاصري وجعلت مسأمير هـ وصفائحه من الذهب وألصق باعلاه حجر ياقوت عظيم وخلع على ناصر الدين خلة عباسية سوداء مذهبة ومرصعة بالجوهر وعمامة مثلها ونصب لها المنبر بداخل السراجة وهي أفراج وقعد السلطان على سريره والخواص عن يمينه ويساره وأخذ القضاة والفقهاء والأمراء مجالسهم فخطب خطبة بليغة ووعظ وذكر ولم يكن فيما فعله طائل لكن سعادته ساعدته لما نزل عن المنبر قام السلطان إليه وعانقه واركبه على فيل وأمر جميع من حضر أن يشموا بين يديه وكنت في جملتهم إلى سراجة ضربت له مقابلة سراجة السلطان جميعها من الحرير الملون وصيوانها من الحرير وخباؤها أيضاً كذلك فجلس وجلسنا معه وكان بجانب من السراجة أواني الذهب التي أعطاه إياه السلطان وذلك تنور كبير بحيث يسع في جوفه الرجل القاعد وقدران اثنان وصحاف لا أذكر عددها وجملة أكواز وركوة وتميسندة ومائدة لها أربع أرجل ومحمل للكتب، كل ذلك من ذهب.