موسى ملكاً ببعض بلاد العراق فوفد حاجي كاون على السلطان فأكرم مثواه وأعطاه العطاء الجزل ورأيته يوماً وقد أتى الوزير خواجه جهان بهديته وكان منها ثلاث صينيات واحداها مملوءة يواقيت والأخرى مملوءة زمرداً والأخرى مملوءة جوهراً وكان حاجي كاون حاضراً فأعطاه من ذلك حظاً جزيلاً ثم إنه أعطاه أيضاً مالاً عريضاً ومضى يريد العراق فوجد أخاه قد توفي وولي مكانه سليمان خان فطلب إرث أخيه وادعى الملك وبايعته العساكر وقصد بلاد فارس ونزل بمدينة شونكارة التي بها الإمام عضد الدين الذي تقدم ذكره آنفاً، فلما نزل بخارجها تأخر شيوخها عن الخروج إليه ساعة ثم خرجوا، فقال لهم: ما منعكم عن تعجيل الخروج إلى مبايعتنا؟ فاعتذوا له فلم يقبل منهم وقال لأهل سلاحه: قلج تجار "جقار" معناه جردوا السيوف فجردوها وضربوا أعناقهم وكانوا جماعة كبيرة. فسمع من يجاور هذه المدينة من الأمراء بما فعله فغضبوا لذلك وكتبوا إلى شمس الدين السمناني وهو من الأمراء الفقهاء الكبار فأعلموه بما جرى على أهل شونكارة وطلبوا منه الإعانة على قتاله فتجرد في عساكره واجتمع أهل البلاد طالبين بثأر من قتله حاجي كاون من المشايخ وضربوا على عسكره ليلاً فهزموه وكان هو بقصر المدينة فأحاطوا به فاختفى في بيت الطهارة فعثروا عليه وقطعوا رأسه وبعثوا به إلى سليمان خان وفرقوا أعضاءه على البلاد تشفياً منه.
وكان الأمير غياث الدين محمد بن عبد القاهر بن يوسف بن عبد العزيز بن الخليفة المستنصر بالله العباسي البغدادي قد وفد على السلطان علاء الدين طرمشيرين ملك ما وراء النهر فأكرمه وأعطاه الزاوية التي على قبر قثم بن العباس رضي الله عنهما واستطوطن بها أعواماً ثم لما سمع بمحبة السلطان في بني العباس وقيامه بدعوتهم أحب القدوم عليه وبعث له برسولين أحدهما صاحبه القديم محمد بن أبي الشرقي الحرباوي والثاني محمد الهمذاني الصوفي فقدما على السلطان وكان ناصر الدين الترمذي الذي تقدم ذكره ن قد لقي غياث الدين ببغداد وشهد لديه البغداديون بصحة نسبه فشهد هو عند السلطان بذلك فلما وصل رسولاه إلى السلطان أعطاهما خمسة آلاف دينار وبعث معهما ثلاثين ألف دينار إلى غياث الدين ليتزود بها إليه وكتب له كتاباً بخط يده يعظمه فيه ويسأل منه القدوم عليه. فلما وصله الكتاب رحل إليه،