للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قدموا بدأوا بالسلام عليه وكان يكاشف بأحوالهم وربما نذر أحدهم النذر وندم عليه فإذا أتى الشيخ للسلام عليه أعلمه بما نذر له وأمره بالوفاء به واتفق له ذلك مرات واشتهر به. فلما خالف القاضي جلال الأفغاني وقبيلته بتلك الجهات بلغ السلطان أن الشيخ الحيدري دعا للقاضي جلال وأعطاه شاشيته من رأسه، وذكر أيضاً أنه بايعه. فلما خرج السلطان إليهم بنفسه وانهزم القاضي جلال خلف السلطان شرف الملك أمير بحت أحد الوافدين معنا عليه بكنباية وأمره بالبحث عن أهل الخلاف وجعل معه الفقهاء يحكم بقولهم فأحضر الشيخ علي الحيدري بين يديه وثبت أنه أعطى للقائم شاشيته ودعا له فحكموا بقتله. فلما ضربه السياف لم يفعل شيئاً وعجب الناس لذلك وظنوا أنه يعفى عنه بسبب ذلك فأمر سيافاً آخر بضرب عنقه، فضربها رحمه الله تعالى.

وكان طوغان الفرغاني وأخوه من كبار أهل مدينة فرغاني فوفدا على السلطان فأحسن إليهما وأعطاهما عطاء جزيلاً وأقاما عنده مدة فلما طال مقامهما أرادا الرجوع إلا بلادهما وحاولا الفرار فوشى بهما أحد أصحابهما إلى السلطان فأمر بتوسيطهما فوسطا وأعطى للذي وشى بهما جميع مالهما. وكذلك عادتهم بتلك البلاد إذا وشى أحد بأحد وثبت ما وشى به فقتل أعطي ماله.

وكان ابن ملك التجار شاباً صغيراً لا نبات بعارضيه، فلما وقع خلاف عين الملك وقيامه وقتاله للسلطان كما سنذكره، غلب على ابن ملك التجار هذا، فكان في جملته مقهوراً فلما هزم عين الملك وقبض عليه وعلى أصحابه كان من جملتهم ابن ملك التجار وصهره ابن قطب الملك فأمر بهما فعلقا من أيدهما في خشب وأمر أبناء الملوك فرموهما بالنشاب حتى ماتا. ولما ماتا قال الحاجب خواجة أمير علي التبريزي لقاضي القضاة كمال الدين ذلك الشاب لم يجب عليه القتل. فبلغ ذلك السلطان فقال: هلا قلت هذا قبل موته؟ وأمر به فضرب مائتي مقرعة أو نحوها وسجن وأعطي جميع ماله لأمير السيافين. فرأيته في ثاني ذلك اليوم قد لبس ثيابه وجعل قلنسوته على رأسه وركب فرسه فظننت أنه هو. وأقام بالسجن شهوراً ثم سرحه ورده إلى ما كان عليه ثم غضب عليه ثانية ونفاه إلى خراسان فاستقر بهراة وكتب إليه يستعطفه فوقع له على ظهر كتابه أكرباز آمدي باز "آي" معناه إن كنت تبت فارجع فرجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>